السبت، 4 أبريل 2009

حـرب مـع الـذات




الحديث عن رفض العالم و العرب أيضاً ( مع أنهم خارج العالم

و خارج التاريخ و خارج الزمن ) لديمقراطية الشعب الفلسطيني

التي أوصلت حماس إلى السلطة , و خرس و صمت و عدم جرأة

هذا العالم على الـتـفـوّه بـبـنـت شـفـة , عندما ( ينتخب ) الصهاينة

أعتى عتاة الإجرام و التطرف و دعاة القتل و التهجير و العنصرية .

أصبح حـديثاً قديماً و لا طـائل من تـكـراره .

مـا يـشـغـلـنـي و يـحـيـّـرني دائماً , هـو الـصـلـف الصهيوني و العنجهيّة

التي لا مثيل لها , و تـحـدّيهم للعالم أجمع جهاراً نهاراً دون أن يقيموا

وزناً لشيء أو لأحد , هذا من جهة , و من جهة أخرى , هذا العجز

و الجبن و الإستسلام العربي الرسمي و الشعبي و التسليم لدينا نحن

العرب , بـأننا عاجزون عن أيّ شيء و عن كلّ شيء , و أنّ كـلّ

مـا نريده و نطمح إليه , هو أن يـتـكـرّم علينا الصهاينة بـانتخاب

مجرم يقـتل ألـفـاً منا كلّ سنة , بـدل من مجرم يقـتل ثلاثة اّلاف .

أو مجرم يـقـتـلـنـا و يصادر ما تـبـقى من أراضينا , بصمت .

أيّ دون أن ( يـجـرّصـنـا ) على الملأ و يتـحـدّانا على شاشات التلفاز .

و بـكـل الأحوال , نـحـن , سـنـعـلـن الأسى و الحزن , و الإعجاب

من جهة أخرى , بالديمقراطيّة الصهيونية التي تــُـوصـل حارس

ملهى ليليّ خليع و موبوء و معتوه إلى السلطة , هـكـذا يقول

بعض المثقفون العرب , يــُـعـيـّـروننا بأنّ الصهاينة يستطيعون

إيصال مجرمين و عاهرات إلى السلطة و نحن لا نستطيع !!

فـي الحقيقة , نحن من يوصل هؤلاء المجرمون و تلك العاهرات

إلى السلطة في فلسطين المحتلة , و ليس الصهاينة .

إنّ عجزنا و ضعفنا و جبننا و سكوتنا و رضوخنا لحكّام

أجبن مـنـّـا أمام الغريب , و أشجع مـنـّـا علينا و أمامنا .

هـو مـا يجعل الصهاينة يـُـجـرّبون فينا كـل عـيـّـنـات العهر و الإجرام

الصهيوني , من بن غوريون إلى ليبرمان و ليفني ( كان العرب

سيشعرون بالراحة و الفرح لو أنّ ليفني استطاعت تشكيل وزارة

يا للسخرية ) . و المضحك المبكي , أنّ ليفني نفسها صـرّحت

( بـفـخـر ) أنّها مارست " الـبـلـطـجـة " علينا في غـزّة , و نحن

قبلنا هـذه البلطجة بطيب خاطر , و زعـلـنـا زعلاً شديداً ( مش

حزن , انتبه ) لأن البلطجيّة ليفني لم تستطع أن تحصل على رئاسة

الوزارة . لأن منظرنا سيبدو بشعاً و نحن نستقبل ليبرمان في

بلداننا و قصورنا العربية , لأنه ( سيبهدلنا ) في بيوتنا , أما

ليفني فهي بكلّ الأحوال , امرأة , و قـد عـُـرف عنا نحن العرب

خجلنا الشديد و ( تـرفـــّـعـنـا ) أمام المرأة , إلا إذا كانت امرأة

عربية بالطبع . لـذلك , سيشفع لنا الشعب ( العظيم ) حين نـعـامل

لـيـفـنـي بـرقــّــة , حتى و هي تمارس البلطجة علينا ( إنها امرأة

يـا رجل ــ ضع خـطـّـين تحت كلمة يا رجل ) .

في مراحل بحثي المتواضع عن سبب الصلف الصهيوني الغريب

و العجيب و الذي لا نهاية و لا حدود له , وصـلـت إلى مـا تـيـسـّر

لـي من ( حكمة القابالاه ) اليهودية الصهيونية . و وجدت أنّ

إخضاع الصهاينة للبشر و إيمانهم بفكرة السيطرة المطلقة

عليهم و معاملتهم أسوأ معاملة , أمر بسيط جداً مقابل ما يؤمن

به هؤلاء من خلال ( القابالاه ) , و كـنـت أستغرب كثيراً

و أنا أقرأ التاريخ ( تاريخ الأديان خصوصاً ) الإبتزاز

و العنجهيّة التي عامل بها عتاة اليهود , الأنبياء و وضعوا

شروطهم عليهم و على الإله الـذي أرسلهم . لـكـنـي لـم

أعـد أستغرب سـبـب إيمان الصهاينة أنهم شـعـب أو

عرق أو جنس فريـد , هـذا صـحـيـح تـمـامـاً , هـم جنس

فريد فعلاً , لـكـنـه لم يكن كـذلك بالوراثة و الولادة , بـل

بالإرادة , و تستطيع صديقي القارئ أن تكون مثلهم من جـنس

فـريد حين تشاء ذلـك , عـلـيـك فـقـط أن تــُـقـنـع نـفـسـك

بـكـل مـا تريده و تـحـبـّـه , بمعنى , تستطيع أن تـقـنـع نفسك

الاّن , أنــك ضـفـدع , أو نـمـر , أو ثعلب , و تـتـصـرّف

كـالضفدع أو كالنمر أو الثعلب , و ينتهي الأمر , أنـت نمر

أو ثعلب , شاء من شاء و أبى من أبى ( و اللي مش عاجبه

يشرب من البحر الميت على رأي المرحوم أبو عمار ) .

أقـنـع نـفـسـك أنـك فـريـد من نوعك , و أنك قـادر على كـلّ شيء

و أنك أذكى و أنبل المخلوقات و أجملها , و اذهب و افعل ما تشاء .

أنت كـذلك مـا دمـت مـقـتـنـعاً بـذلك . و تــَـعـامَـل مـع الـنـاس

عـلـى هـذا الأساس , و لا تـنـتـظـر أن يـقـتـنـعـوا بـمـا أنـت

عـلـيـه ( في خيالك ) . بـل افـرض عليهم ذلك . بـقـوّة الـذراع .

في ( القابالا ) هـنـاك تـسـاو ٍ بين الإنسان و الإله , و الإله

ليس أفضل أو أقوى من الإنسان , بل مـسـاوٍ و مواز ٍ له .

و يستطيع الإنسان أن يـفـرض ( بالـبـلـطـجـة ) على الإله

مـا يشاء و يريد . هـذا إيمان عميق و حقيقي في ( الحكمة

الصهيونية ــ القابالا ) و ليس مجرّد كلام فارغ . و حاخامات

القابالا هم من يسيطر و يـديـر المسألة الصهيونية , و لهم

سطوتهم و نفوذهم على كلّ شيء , على عكس رجال الدين

المسيحيين و المسلمين , المساكين , الـذيـن يـُديـرهم ( بمعظمهم )

سياسيون فـاشلون لا قضيّة لهم سوى الكرسي . بـل إنّ رجل

الدين المسيحي و المسلم الجيّد في هـذا الزمان , يـتـحـوّل إلى

( درويش ) مـا إن تـحاول أخـذ رأيه بقضيّة مصيرية , حـتـى

ينهرك قـائـلاً أنّ هـذه المسائل الدنـيويّة لا تهمّه و أنه مـتـرفــّـع

عن هـذه الصغائر ( و أهله يـُـذبحون أمامه ) , و يصبح كـالواقـف

في الهواء , لا هو بقي على أرضٍ و لا بـلـغ السماء .

طـبـعـاً أنـا لا أطلب و لا أريد من رجال الدين هؤلاء أن يصبحوا مثل

أولئك الحاخامات , يكـفـيـنـا مـصـائـب , و بـعـيـداً عـن القابالا

و خزعبلاته , أتـمـنـى مـن العرب الـذيـن أقـنـعـوا أنـفـسـهـم أنهم

أرانـب , و يـتـصـرّفـون كـالأرانـب , أن يـقـنـعـوا أنـفـسـهـم أنهم

أسـود , أن يـتـصـرفـوا مـع الصهاينة كـالأسـود , عـنـدهـا قـد

يـدرك الصهاينة أنهم أرانـب , لأنهم أرانب في الحقيقة , كان صراخهم و عويلهم


يملأ الوديان في جنوب لبنان , وهم أجبن مقاتلي العالم في الميدان , لذلك يحاولون

دائماً حسم معاركهم من الجوّ بقصف المدن و القرى و قتل أكبر عدد من الناس

لزرع الرعب في القلوب , لذلك صرّح باراك علانية عن خشيته مما أسماه

توازن قوى و توازن رعب مع حزب الله , تخيّل أن هذا الكيان المدجج بالسلاح

و الدعم اللامحدود من القوى العظمى , يشتكي من توازن قوى و رعب في الميدان

مع بضعة اّلاف من المقاتلين هم في الحقيقة مزارعون و طلبة جامعات يقاتلون

و يعودون إلى بيوتهم و مزارعهم و جامعاتهم , لكن الفرق هنا أنّ هؤلاء


الفتية اّمنوا بقدرتهم و بقوتهم و بقضيتهم و وثقوا بأنفسهم و لم يعيشوا

و يتصرفوا كالنعاج .

مشكلتنا نحن العرب هي مع أنفسنا أولاً قبل أن تكون مع أحد اّخر, وحـين نحـلّ


مشاكلنا الـنـفـسـيـّـة الـمـزمـنـة هـذه , و نـتـصـرّف كــشـعــب قـــادر عـلـى

الحياة بكرامـة يستحقها و يملك مقوماتها , حـيـنـهـا , ستصبح مشاكلنا

مع أولئك الصهاينة , بسيطة جداً . و سـهـلـة الـحـلّ .و سيقـتـنع الصهاينة





وقتها أنهم بـشـر عـاديـون , لا يـمـيـّزهم عن غيرهم من البشر أيّ شيء

سـوى أنـهـم مـجـانـيـن و يـحـتـاجـون لـعـلاج نـفـسـي .. فـقـط .








جــو غـانـم

11