تـجـلـس يـومـيـاً أمـام الـتـلـفـاز , و سـواء أكـنـت تـشـاهـد مـسـلـسـلاً درامـيـّاً
أو بـرنـامـجـاً إجـتـمـاعـيـاً , أو حـواراً سـيـاسـيـاً , أو لـقـاءً فـنـيـّـاً أو حـصـّـة
ديـنـيـة دعـويـة , إسـلاميّة كـانـت أم مـسـيـحـيـّـة , أو حـتـى و أنـت تـشـاهـد
الإعـلانـات , دائـمـاً هـنـاك ثـابـتٌ مـشـتـرك واحـد : نـحـن مـلائـكـة !!
الـجـمـيـع مـلائـكـة دون اسـتـثـنـاء , لا يـوجـد شـرّيـر واحـد فـي هـذا الـوطـن
الـعـربـي الـكـبـيـر , الـشـريـر دائـمـاً هـو ( الاّخـر ) , أيّ اّخـر لا عـلـى الـتـعـيـيـن .
الـمـهـم أنــّـه غـيـر مـوجـود مـعـنـا فـي هـذه ( الـجـلـسـة ) .
لـيـس فـقـط , الشرير هـو الاّخـر , بـل أيـضـاً الإنسان " العادي " هـو الاّخـر .
و الـجـيـّد أيضاً ــ لو تـواضـعـنـا و سـلـّمـنـا بوجوده ــ هـو الاّخـر , نـحـن مـا
فـوق الـعـادي , و مـا هـو أفـضـل بـكـثـيـر مـن الـجـيـد , نـحـن عـلامـة الـجـودة .
الـفـنـانـة الـفـلانـيـة , تــُـخـبـرك عـن فـضـائـل شـهـر رمـضـان , و تــُـبـيـّن لـك
سـبـُـل الـنـجـاة فـي رمـضـان , و عـن دورهـا الـتـوجـيـهـي العظيم في المسلسل
الفلاني الـذي يـُعرض الاّن في رمـضـان , كـذلـك الـفـنـان العلاّني , يـُقسم بخشوع
أنه يقوم الليل كلّه في رمضان . و هـمـا مـعـاً , يـقـبـضـان ثـمـن هـذه الـحـصـّـة
الإرشـاديـة الإعـلانـيـة سـلـفـاً , و قـبـل بـدء الـبـرنـامـج . و يـروّجـان لأعمالهما
التجارية ( الـفـنية ــ الـتـافـهـة ) الحالية أو القادمة .
تـذهـب إلـى مـحـلاّت بـيـع الـمـواد الـغـذائـيـة , أتـحـدّى أن تـشـتـري مـنـتـجـاً عربياً
واحـداً , لـم يـدخـل فـيـه غـشّ , لكنّ الملصق الخارجي على المنتج يكاد يـخـبـرك أنّ
هـذه الـمـنـتج صـُـنـع بالأمـانـة و قــُـرأ عليه قراّنٌ و إنـجـيـل , و أنّك لـو شـكـكـت
مـجـرّد شـكّ أنّ في الأسـواق كـلها , منتج اّخـر من نفس النوع , بـنـفـس جـودتـه
فـيـمـكـنـك إعـادتـه و اسـتـعـادة نـقـودك فـوراً , إضـافـة إلـى عـلـم و خـبـر بـأنّ
أصـحـاب هـذه الـعـلامـة الـتـجـاريـة يـعـمـلـون فـي هـذا الـمـجـال مـنـذ مـائـة
و خـمـسـون عـاماً , و أنّ الجودة و الأمانة هي سـرّ استمراريتهم , و إن كنت
لا تصدّق , فـاسـأل أيّ عـنـصـر جـنـدرمـا مـنَ الجـيش الإنـكشاري .
نـجـلـس أمام التلفاز أو على القهوة أو خلف مكاتبنا , و نـتـحـدّث عـن مـعـانـاة
أهـل غـزّة , وعـن ظـلـم و جبروت الصهاينة وعـن تـهـويـد الـقـدس وسـرقـتـهـا
إلى الأبـد , و سلـبهـا أسمائها العربية أيضاً, وحـيـن نـبحـث عـن الـفـعـل , نـجـد
صـحـفـيـّاً سـويـديـاً من شمال الكرة الأرضية , يـكـشـف إجـرام هـذا الـكيـان
العنصري و بـيـعـه للأعـضاء الـبشرية التي يسرقـهـا مـن أجـساد الشهـداء
و الأسرى و الجرحى , و يـقـف الـرجـل فـي وجـه الصـهـيـونـيـة مـعـتـداً
بـأمـانـتـه الصحفية و الأخـلاقـيـة . ثم نـعـلـن نـحـن عـن تـضـامـنـنـا مـع
" دونـالد بوسـتـروم " . يـا سـبـحـان الله ! . نـحـن نـتـضـامـن مـع دونالد
بوستروم ؟ و عـلـى بـوسـتـروم أن يـشـكـرنـا لأنـنـا أخـذنـا هـذا الـمـوقـف
الـنـبـيل مـن ( قـضـيـتـه ) !! .
مـن نـاحـيـة أخـرى تـجـد عـشـرات النساء و الرجال أتـوا من أصـقـاع العالم
الـبـعـيـد , و اعـتـصـمـوا مـنـذ أشـهـر و حـتـى الاّن عـلـى مـعـبـر رفـح , لـيس
مـعـهـم سـوى امـرأتـان عـربـيـتـان ( أو ثلاث ) , لـيـس بـيـنـهـم رجـل عـربي
واحـد , لا أنـا , و لا أنـت أخـي المناضل .
تـعـرف أنّ بـعـض الـلـبـنـانـيـيـن كـانـوا و لا زالـوا , يـقـولـون بـأنّ الحرب
الأهـلـيـة الـلـبـنـانـيـة كـانـت ( حـرب الاّخـريـن عـلـى أرضـنـا ) و أنّ مـا مـن
لـبـنـانـيّ واحـد كـان يـقـبـض على الزنـاد و يطلق النار , لا , لـم يـكـن أحـد
مـنـهـم هـنـاك , لـم يـكـن هـنـاك سـوى ( الاّخـرون ) . الأمـر ذاتـه الاّن فـي
الـعـراق , الاّخـرون هـم مـن يـقـتـلـون و يـتـقـاتـلـون , ( و أمـريـكـا لـيـسـت
مـنَ الاّخـريـن طـبـعـاً ) .
تـتـابـع حـوارات الـسـيـاسيـيـن و الإعلامـيـيـن الـلـبـنـانـيـيـن , حـول تشكيل
الحكومة , و عن هـذا الـتـعـطـيـل الـطـويـل , أتـحـدّى مـرّة أخـرى أن تـسـمـع
واحـد مـنـهـم يـقـول بـأنّ لـه عـلاقـة بـالتعطيل , نـعـود إلـى الـثـابـت الـواحـد
و الـوحـيـد : الـجـمـيـع مـلائـكـة , و الـحـقّ عـلـى الاّخـر .
لـمـاذا لا تـجـتـمـع الـجـامـعـة الـعـربـيـة و تـرصـد مـكـافـأة كـبـيـرة لـلـقـبـض
عـلـى ( الاّخـر ) , عـلّ مـشـاكـلـنـا جـمـيـعـاً تـنـتـهـي و إلـى الأبـد ؟ .
هـل أصـبـحـنـا شـعـوبـاً افـتـراضـيـّة حـقـاً ؟
أم أُصـبـنـا جـمـيـعـا بـانـفـصـام فـي الـشـخـصـيـة , جـعـلـت كـلّ مـنـا يـعـيـش
بـشـخـصـيـتـيـن مـتـنـاقضتـيـن تـمـامـاً , واحـدة تـنـتـمـي لـصـنـف الملائكة
مـوجـودة فـي خـيـالـه فـقـط , و الأخـرى تـعـيـثُ فـسـاداً فـي هـذه الأرض
دون حسيـبٍ أو رقـيـب , لأنّ أحـداً لا يـعـتـرف بـوجـودهـا مـطـلـقـاً ؟!
أو بـرنـامـجـاً إجـتـمـاعـيـاً , أو حـواراً سـيـاسـيـاً , أو لـقـاءً فـنـيـّـاً أو حـصـّـة
ديـنـيـة دعـويـة , إسـلاميّة كـانـت أم مـسـيـحـيـّـة , أو حـتـى و أنـت تـشـاهـد
الإعـلانـات , دائـمـاً هـنـاك ثـابـتٌ مـشـتـرك واحـد : نـحـن مـلائـكـة !!
الـجـمـيـع مـلائـكـة دون اسـتـثـنـاء , لا يـوجـد شـرّيـر واحـد فـي هـذا الـوطـن
الـعـربـي الـكـبـيـر , الـشـريـر دائـمـاً هـو ( الاّخـر ) , أيّ اّخـر لا عـلـى الـتـعـيـيـن .
الـمـهـم أنــّـه غـيـر مـوجـود مـعـنـا فـي هـذه ( الـجـلـسـة ) .
لـيـس فـقـط , الشرير هـو الاّخـر , بـل أيـضـاً الإنسان " العادي " هـو الاّخـر .
و الـجـيـّد أيضاً ــ لو تـواضـعـنـا و سـلـّمـنـا بوجوده ــ هـو الاّخـر , نـحـن مـا
فـوق الـعـادي , و مـا هـو أفـضـل بـكـثـيـر مـن الـجـيـد , نـحـن عـلامـة الـجـودة .
الـفـنـانـة الـفـلانـيـة , تــُـخـبـرك عـن فـضـائـل شـهـر رمـضـان , و تــُـبـيـّن لـك
سـبـُـل الـنـجـاة فـي رمـضـان , و عـن دورهـا الـتـوجـيـهـي العظيم في المسلسل
الفلاني الـذي يـُعرض الاّن في رمـضـان , كـذلـك الـفـنـان العلاّني , يـُقسم بخشوع
أنه يقوم الليل كلّه في رمضان . و هـمـا مـعـاً , يـقـبـضـان ثـمـن هـذه الـحـصـّـة
الإرشـاديـة الإعـلانـيـة سـلـفـاً , و قـبـل بـدء الـبـرنـامـج . و يـروّجـان لأعمالهما
التجارية ( الـفـنية ــ الـتـافـهـة ) الحالية أو القادمة .
تـذهـب إلـى مـحـلاّت بـيـع الـمـواد الـغـذائـيـة , أتـحـدّى أن تـشـتـري مـنـتـجـاً عربياً
واحـداً , لـم يـدخـل فـيـه غـشّ , لكنّ الملصق الخارجي على المنتج يكاد يـخـبـرك أنّ
هـذه الـمـنـتج صـُـنـع بالأمـانـة و قــُـرأ عليه قراّنٌ و إنـجـيـل , و أنّك لـو شـكـكـت
مـجـرّد شـكّ أنّ في الأسـواق كـلها , منتج اّخـر من نفس النوع , بـنـفـس جـودتـه
فـيـمـكـنـك إعـادتـه و اسـتـعـادة نـقـودك فـوراً , إضـافـة إلـى عـلـم و خـبـر بـأنّ
أصـحـاب هـذه الـعـلامـة الـتـجـاريـة يـعـمـلـون فـي هـذا الـمـجـال مـنـذ مـائـة
و خـمـسـون عـاماً , و أنّ الجودة و الأمانة هي سـرّ استمراريتهم , و إن كنت
لا تصدّق , فـاسـأل أيّ عـنـصـر جـنـدرمـا مـنَ الجـيش الإنـكشاري .
نـجـلـس أمام التلفاز أو على القهوة أو خلف مكاتبنا , و نـتـحـدّث عـن مـعـانـاة
أهـل غـزّة , وعـن ظـلـم و جبروت الصهاينة وعـن تـهـويـد الـقـدس وسـرقـتـهـا
إلى الأبـد , و سلـبهـا أسمائها العربية أيضاً, وحـيـن نـبحـث عـن الـفـعـل , نـجـد
صـحـفـيـّاً سـويـديـاً من شمال الكرة الأرضية , يـكـشـف إجـرام هـذا الـكيـان
العنصري و بـيـعـه للأعـضاء الـبشرية التي يسرقـهـا مـن أجـساد الشهـداء
و الأسرى و الجرحى , و يـقـف الـرجـل فـي وجـه الصـهـيـونـيـة مـعـتـداً
بـأمـانـتـه الصحفية و الأخـلاقـيـة . ثم نـعـلـن نـحـن عـن تـضـامـنـنـا مـع
" دونـالد بوسـتـروم " . يـا سـبـحـان الله ! . نـحـن نـتـضـامـن مـع دونالد
بوستروم ؟ و عـلـى بـوسـتـروم أن يـشـكـرنـا لأنـنـا أخـذنـا هـذا الـمـوقـف
الـنـبـيل مـن ( قـضـيـتـه ) !! .
مـن نـاحـيـة أخـرى تـجـد عـشـرات النساء و الرجال أتـوا من أصـقـاع العالم
الـبـعـيـد , و اعـتـصـمـوا مـنـذ أشـهـر و حـتـى الاّن عـلـى مـعـبـر رفـح , لـيس
مـعـهـم سـوى امـرأتـان عـربـيـتـان ( أو ثلاث ) , لـيـس بـيـنـهـم رجـل عـربي
واحـد , لا أنـا , و لا أنـت أخـي المناضل .
تـعـرف أنّ بـعـض الـلـبـنـانـيـيـن كـانـوا و لا زالـوا , يـقـولـون بـأنّ الحرب
الأهـلـيـة الـلـبـنـانـيـة كـانـت ( حـرب الاّخـريـن عـلـى أرضـنـا ) و أنّ مـا مـن
لـبـنـانـيّ واحـد كـان يـقـبـض على الزنـاد و يطلق النار , لا , لـم يـكـن أحـد
مـنـهـم هـنـاك , لـم يـكـن هـنـاك سـوى ( الاّخـرون ) . الأمـر ذاتـه الاّن فـي
الـعـراق , الاّخـرون هـم مـن يـقـتـلـون و يـتـقـاتـلـون , ( و أمـريـكـا لـيـسـت
مـنَ الاّخـريـن طـبـعـاً ) .
تـتـابـع حـوارات الـسـيـاسيـيـن و الإعلامـيـيـن الـلـبـنـانـيـيـن , حـول تشكيل
الحكومة , و عن هـذا الـتـعـطـيـل الـطـويـل , أتـحـدّى مـرّة أخـرى أن تـسـمـع
واحـد مـنـهـم يـقـول بـأنّ لـه عـلاقـة بـالتعطيل , نـعـود إلـى الـثـابـت الـواحـد
و الـوحـيـد : الـجـمـيـع مـلائـكـة , و الـحـقّ عـلـى الاّخـر .
لـمـاذا لا تـجـتـمـع الـجـامـعـة الـعـربـيـة و تـرصـد مـكـافـأة كـبـيـرة لـلـقـبـض
عـلـى ( الاّخـر ) , عـلّ مـشـاكـلـنـا جـمـيـعـاً تـنـتـهـي و إلـى الأبـد ؟ .
هـل أصـبـحـنـا شـعـوبـاً افـتـراضـيـّة حـقـاً ؟
أم أُصـبـنـا جـمـيـعـا بـانـفـصـام فـي الـشـخـصـيـة , جـعـلـت كـلّ مـنـا يـعـيـش
بـشـخـصـيـتـيـن مـتـنـاقضتـيـن تـمـامـاً , واحـدة تـنـتـمـي لـصـنـف الملائكة
مـوجـودة فـي خـيـالـه فـقـط , و الأخـرى تـعـيـثُ فـسـاداً فـي هـذه الأرض
دون حسيـبٍ أو رقـيـب , لأنّ أحـداً لا يـعـتـرف بـوجـودهـا مـطـلـقـاً ؟!
جـو غـانـم