مـن يـراقـب بـعـض وسـائـل الإعـلام الـعـربـيـّـة , و هـي تـخـوض
حـربـاً ضـروسـاً ( تبدو و كأنها حرب بقاء ووجود ) لأجـل عيون
الديمقراطية في إيران , يـُـخـيـّل لـه أنـنـا نحن العرب نعيش أزهى
عصور الحرية و الديمقراطيّة , و أننا نـريـد وعلى غرار جورج بوش
أن نـنـشـر قـيـمـنـا الديمقراطية و نـُـنـعـم بـهـا عـلـى أولـئك ( المساكين )
في إيران , الـذيـن يـرزحـون تـحـت حـكـم البـيك و الشيخ و الزعيم
و قـادة الميليشيات و تـجـار الأوطان و الـرقيق الأبيض .
نفس وسائل الإعلام التي عـمـلـت على إعادة المواطن اللبناني ( في حربها
الإنتخابية الأخيرة في لبنان ) إلى أكثر مراحل الإنسانية انـحـطـاطـاً , حيث
الـعـصبـيـّة الـمـذهـبـيّة و الـطائـفـيّة الـقـذرة و الـكـذب و الـتـلـفـيـق
و شـراء الـذمـم , نفس الشاشات و الجرائد عادت لـتـرفـع رايـات الحريّة
و الديمقراطيّة إشـفـاقـاً منها على الشعب الإيراني هذه المرّة , و مساهـمة
منها في تـقـدّم و تـحـضـّر الإنسان الإيراني , الـذي لا يـعـرف
مـصـلـحـتـه , لـذلك إرتــأى الإعـلام العربي أن يـساعـده كـي
يـبـلـغ مـا بـلـغـنـاه نـحـن مـن تـحـرّر و نهضة و تـداول سلطة
و إحترام إرادة الناس ( الرئيس المصري عـلـّق على الإنتخابات اللبنانية
بالقول أنّ هـذه إرادة الشعب !!! مـن قـال أنّ الرئيس الـمـصـري
لـيـس " مـهـضـومـاً " ؟؟ كـذلك لـم يـتـأخـّر رفاقه حـكـّام مـحـمـيـّات
الـمـوز العربية الـذين يحـتـقـرون شعوبهم و إرادة شعوبهم بـتـرديـد
الـنـكـتـة ذاتـهـا ) , نفس هـؤلاء ( مـعـاتـيـه الإعلام و الدجل العربي )
الـذيـن لـم يـبـق في هـذا العالم المترامي الأطراف مـثـيـلاً لهم في الجهل
و الرجـعـيّة , هؤلاء الـذيـن اسـتـخـفــّـوا بـعـقـل المواطن العربي
و تـعـامـلـوا مـعـه عـلـى أنـّـه كـائـن غـبـي لا دور لـه سـوى
أن يـتـلـقــّى أكاذيبهم , يـريـدون الاّن إقـنـاعـنـا أنـهـم يـخـوضون
مـعـركـة مـن مـعـارك الـحـريـّـة , حـيـث مـا أن يـعـطـس الـمـرشـّح
مـيـر حسين موسوي , حتى تـنـقـل قـنـاة الـعـربـيـّة خـبـراً عـاجـلاً
تـُـبـيـّن فـيـه مـدى أهـمـيـّة هـذه ( الـعـطـسـة ) و تـأثـيـرهـا عـلـى
مـسـتـقـبـل حـريـّـة الإنسان و خير الإنسانية , ثـم تـخـرج جـريـدة
الـشـرق الأوسط فـي الصباح التالي بـعـنـوان ثـوريّ عـريـض
عـلـى غـرار : ( عـطـسة مـوسـوي تـنـذر بـسـقـوط النظام بين
لحظة و أخرى ) . حـسـنـاً , لـيـقـُـل لـنـا هـؤلاء مـالـذي كـانـوا
يـنـتـظـرونـه لـو فـاز مـوسـوي ؟؟ هـل كـانـوا يـتـوقـّـعـون أن
تـنـضـمّ إيـران إلـى مـحـور الإعـتـدال الـعـربـي ؟ و أن يـقـوم
موسوي بـاسـتـدعـاء نــديـم الـجـمـيّل أو أنـطـوان زهـرة , و تـسـلـيـم
أحـدهما قيادة الحرس الـثـوري؟ أو أن يصبح أبـو الـغـيط هـو المرشـد الجديد
لـلـثـورة الإيرانية الخضراء , و تـصـبـح جـيـزال خـوري رئـيسة
الإتحاد النسائي الإيراني ؟ أو يـصبح عـبد الرحـمـن الـراشـد هـو
مـُـلـهـم الإعلام الإيراني الـجـديـد و مـرجـعـيـتـه ؟ مـالذي كان يـتـوقــّعـه
هـؤلاء لـو فـاز مـوسوي ؟ لـيـجـيـبـنـا أحـدهـم !!!
أجـدى بـهـم أن يـخـوضـوا حـرب تـحـريـر الشعـوب التي يـنـتمون
إليها , و إلاّ أجـدى بـنـا نحن الشعوب ,أن نخوض حرب تحريرنا
من صـُـنـّـاع الـدجـل هـؤلاء . الـذيـن يـُـمـجـّدون طـغـاتـنـا فـي
الـلـيـل و الـنـهـار , و يـلـهـونـنـا بـفـتـح جـبـهـات وهـمـيـّة و مـُضلـلـّة
عـلـى سـاحـات الـشـعـوب الأخـرى , الـتـي سـبـقـتـنـا إلـى الحرية
و الديمقراطية و السيادة الحقيقية و الإعتماد على الـذات , بـقـرون
و ليس بسنوات .
هـؤلاء الـذيـن كـان إعـلامـهـم أكـثـر بـُـعـداً مـن الإعـلام الـتـايـوانـي
عـن خـوض مـعـركـة إعـلامـيـّة شـريـفـة و مـشـرّفـة وسـط مـجـازر
الـصـهـايـنـة بـحـقّ غـزّة و أهـل غـزّة .
حـربُ مـن , يـخـوض هـؤلاء الأوبـاش الاّن ؟؟
جـو غـانـم