الأربعاء، 25 نوفمبر 2009

"بخصوص الكرامة و الشعب العنيد"




بـدايـةً أهـنـّئ الكثيرين من أفراد الـشـعـب الـمـصـري , اكـتـشـافـهـم

الـتـاريـخـي الـعـظـيـم أنـهـم لـيـسـوا عـربـاً , صـحـيـح أنّ الإكـتـشـاف

جـاء مـتـأخـّـراً جـداً بـعـد أن ذهـب مـحـمـد فـوزي و لـحـّن الـنـشـيـد الـجـزائـري

( قـرأت أنّ الراحل أحمد صدقي هـو من لـحـّنـه و ليس الراحل محمد فوزي)

و بـعـد أن اقـتـطـع بـعـض الـمـمـثـلـيـن الـمـصـريـن مـن وقـتـهـم و مـن قـوت

يـومـهـم لـكـي يـعـمـلـوا فـيـلـم جـمـيـلـة بـوحـيـرد ( و كأنّ جـمـيـلـة لـم يـثـبـت

أنـهـا نـاضـلـت و قـاومـت و ذاقـت الـويـل فـي سبيل حرية بلدها إلاّ بـعـد

هـذا الـفـيـلـم و أيضاً كأنّ هؤلاء عملوا بالفيلم ببلاش ) . و بـعـد أنْ ذهـب

الـفـريـق أركـان حـرب تـامـر حـسـنـي و عـمـل حـفـلـة فـي الـجـزائـر

( ثـم عـاد لـيـتـهـرّب مـن خـدمـة الـعـلـم فـي مـصـر و يـزوّر أوراق رسمية

هـو و الـعـمـيـد الركن هيثم شـاكـر و بالمناسبة , قال تامر أنه اتصل بوزارة

الدفاع المصرية من الخرطوم و بما معناه أعطاهم التوجيهات و التعليمات

بالتحرّك ) و قد سمعته البارحة يقول أنه " نـوّه و وضّح " للجمهور الجزائري

أنّ هذه الحفلة و هذا النجاح و هذا الصراخ و تلك الإغماءات كلها باسم مصر .

لا يوجد أي شيء باسمه هو في الشهر العقاري . كلّه ( على اسم مصر ) .

و بـعـد أن اكـتـشـفـت " إسـعـاد يـونـس " أنـهـا "كـمـصـريـة فـرعـونـيـة "

هـي مـصـريـة فـرعـونـيـة حقاً ( إسـعـاد تــُـعـيـد هـاتـيـن الـكـلـمـتـيـن فـي

كـل اتصالاتها الهاتفية أثـنـاء الـمـعـركـة بشكل مقصود و واضح ) و أنها

نسيت "كمصرية فرعونية " أنها لولا الأخ علاّل الفاسي " كثري عربي

عربي عربي و كعربي ثري ثري ثري عربي " لما استطاعت أن تـُقاطع

أحداً و لا أن يكون لها شركات إنتاج و لما تحوّلت غصب عن المنطق و اللغة

إلى ( كاتبة صحفية ) . و بـعـد أن اكتشف الممثل أحمد السقا خـطأه التاريخي

الذي لن تغفره الأجيال القادمة , و هو عدم ذهابه إلى أرض المعركة لحسم

الحرب من الجولة الأولى ( يا خسارتك يا أحـمـد و يا خسارتنا ) . و بـعـد أن

اكتشف المغني حكيم أنّ بإمكانه اللعب على اللغة و على كرامات الشهداء

و القول عن الشهيد أنه ( لقيط ) . و بعد أن اكتشف علاء مبارك أنه مواطن

مصري عادي له الحق في إبداء رأيه دون أن يقطعوا الخط و هو يتكلم أو يغلقوا

سمّاعة الهاتف في وجهه كأي مواطن ( عربي ) أجرب .

و بـعـد أن اكـتـشـف الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي أنّ عـم (عـبـنـاصر)

ضـحـك عـلـيـه بـالـقـومـيـة الـعـربـيـة و الـعـروبـة و جـعـلـه يـدفـع الـثـمـن

غـالـيـاً فـيـمـا بـعـد ــ في موقعة الخرطوم ــ و كتب قصيدته الرثائية الأخيرة .

( يـا عـم عـبـرحمن انت لسه كنت بتتكلم عن المصري " كريم العنصرين "

أيام الحرب الصهيونية على لبنان وعن موقـف النظام المصري المتخاذل ) .

و بـعـد أن اكتشف الأستاذ ابراهيم عيسى ( يا للهول .. حتى أنت يا بروتوس )

أنّ هـنـاك 12 سبب تاريخي و مفصلي و مهم يجعل الشعب المصري يحبّ

علاء مبارك ( على فكرة , أنا لديّ مائة سبب تجعلني أحب و احترم جاري

المصري محمد , و كلها أسباب وجيهة و حقيقية يا ابراهيم مع أنّ

محمد لا يملك خمسة اّلاف جنيه في أي مصرف على هذا الكوكب

و مع أنّ والده فلاح و جده كان فلاح .. تخيّل يا ابراهيم !!) .

و بـعـد أن اكتشف أستاذنا ابراهيم وغالبية الشعب المصري ( لا نتجرّأ

و نقول الأخوة المصريين الاّن ) أنّ هناك بـتـرولاً فـي مـخّ السيد علاء

مبارك ( هذا هو السبب الـ 13 يا أستاذ ابراهيم ) و أنه يستطيع أن يقلب

موازين القوى بمكالمة هاتفية واحدة , يبكي خلالها الإعلامي الكبير خالد

الغندور دموعاً مدرارة ( حين أصبح الغندور و شوبير و مصطفى عبده

و تامر "البيض بـيـضك" و عمرو أديب إعلاميين كبار , لم يجد إعلامي

عظيم كحمدي قنديل مكان له في فضائيات الأوطان الجديدة ــ اّه يا أمة متـناكة

على رأي المصريّ العربيّ العظيم نجيب سرور ــ أقصد الأمة العربية كلها

كي لا يظنّن أحد أني أتحدث عن الأمة المصرية ) .

و بـعـد أن اكتشفت أني كنت غبياً جداً حين بكيت و حزنت و فرحت و ضيّعت

وقتي في الإستماع أو المشاهدة أو القراءة لأي عمل فـني أو أدبـي من نتاج

أحد هؤلاء ( النخبة ) الذين استمعت إليهم في الأيام الماضية على القنوات

المصرية , و اكتشفت كم هذه الأمة ( بكلّ قبائلها ) مهزومة و غارقة في

الجهل حتى ذقـنها , و كيف أنّ الكرامة لا معنى لها و لا أحد يتذكّرها إلاّ

عندما يـُراد لنا أن نتذكرها و نستميت لأجلها , و على إثر مباراة كـرة

قدم و صراعات بين مشجعين متعصّبين تحدث كلّ يوم في بلدان العالم

من القطب الشمالي إلى الجنوبي , و كيف إثر مكالمة هاتفية من ابـن

الزعيم , يظهر للكرامة أهل و أصحاب , و كيف حين يموت الفقراء

في البرّ و البحر و الجو و في أقسام البوليس و معسكرات الإعتقال

في هذه البلدان البائسة من المحيط إلى الخليج , لا أحد يتذكّر أنّ لهؤلاء

كرامة و شرف و أهـل , و كيف حين يـُقرّر ثـلــّة من الممثلين و الكـَتبة

( بالإذن من فناني مصر الكبار , فهناك فرق بين الفنانين و الممثلين , هناك

فرق بين فنان عظيم و كبير و مسئول و معلّم مثل صلاح السعدني و بين صبـيان

الفن في هذا الزمان الرديء , الفنان هو إنسان و نصف , إنسان مُضاعف

بحسّه و أخلاقه و وعيه و دوره في الحياة , أما الممثل فهو صاحب مهنة

مثله مثل أي مهنيّ اّخر , قد يتقن مهنته جيداً لكن لا علاقة له بأخلاقياتها

و لا دور له في الحياة سوى الإنتهاء من العمل و الظهور كنجم عظيم و كفى

الله الممثلين شرّ العـقل ) حين يـقـرّر هـؤلاء أنّ الذهاب لحضور مباراة كرة قدم

هو واجب وطني مقدس يأخذون إليه أطفالهم و نسائهم ( مع علمهم الأكيد

و علم الدنيا كلها أن الشغب حاضر و سوف يحضر ) و لا يقرر واحد منهم

ــ هؤلاء بالذات و بالإسم ــ أن يكتب أو يتـفوه بكلمة ضد الظلم و القهـر

و الفساد و موت الأبناء في عرض البحر و هجرة خيرة أبناء الوطن للعمل في

بلدان بعيدة ( طبعاً لن اّتـي على ذكر فلسطين و غزة و الحصار كي لا أقابـل

بمواويل : قـدّمنا لفلسطين و قدّمنا للعرب , مع أنه و منذ ثلاثين عاماً حتى الاّن

لم يقدم النظام المصري للعرب ولفلسطين بالذات غير التاّمر والخوازيـق والإنصياع

التام لمشيئة مجرمي الكيان الصهيوني الغاصب , أما الشعب المصري فسيظلّ

فيه منْ يـُقدّم حتى نهاية الزمان شاء هؤلاء الموتورون من الطرفين أم أبوا ) .

بـعـد كـلّ هـذا و ذاك , أنا أدعو بعض أهل مصر إلى الـتـبـرّؤ التام من العرب

و العروبة بشكل رسميّ , فـقـط كـي يـرتـاحـوا نـفـسـيـاً , و أنْ يـقـف

كـلّ فـرد من هؤلاء الغاضبون على العرب أمام المراّة و يقول مائة مرة :

أنا مش عربي , أنا مش عربي , أنا مش عربي , حتى يـقـتـنـع و يـعـيش

بعدها عيشة هنيّة خالية من المشاكل و القهر و الظلم , و لا بـأس أن يخرج

إلى الشوارع و يطالب حكومة بلاده بنزع كلمة ( العربية ) من اسم مصر

و تـغـيـيـر أسماء شوارع القاهرة التي تحمل أسماء المدن العربية ( تـركة

عبد الناصر الثقيلة ) و إعطائها أسماء عمرو أديب و الحضري وشوبير

و إسعاد يونس و علاء مبارك و غيرهم من (أبطال مصر) . و أنا متأكد أنه

و للمرة الأولى في التاريخ سوف يستجيب النظام المصري لمطالب شعبه .

هذا النظام الذي افتعل هو و النظام الجزائري هذه المعركة عن سابق إصرار

و تصميم و أخرجاها من كونها شغب كروي لتصبح معركة قومية مصيرية

يجتمع لأجلها الرئيس المصري مع أركان حربه و أركان حكمه ليقرروا ماذا

هم فاعلون و ليأتِ شمعون بيريز الكلب المجرم السفاح الدموي العنصري

قاتل أسرى مصر ,و يتضامن مع نظام مصر الصديقة ضد المجرمين العرب

و الأمازيغ .

لهؤلاء كلمة أخيرة :

لنا في مصر ما لا تدركوه , لنا أخوة و أخوات , و أحبة و أبطال , و مثقفون

أناروا دروبنا و دروب هذا الشرق , ليس فيهم عنصريّ واحد و لا تافه

واحد . هؤلاء الذين بكوا في قبورهم هذه الأيام و في غرف نومهم ( أقسم

أني تمنّيت لـو أنـّي ضـُربت بالسوط في الشارع , و لم أسمع جمال بخيت

يقول بمرارة معلّقاً على حالة السعار هذه : " أنا حَ موت" !! سلامتك يا أصيل .

سلامتك يا عظيم يا محترم و يا كبير ويا مصري يا حبيب القلب و يا ريتني فداك ) .

في مصر إخـوة لنا , إخوة في الظلم و القهر و الكفاح لأجل حياة كريمة

و للتحرر من الطواغيت و أبنائهم و عبيدهم و كلابهم , لنا في مصر

سبعة اّلاف عام من النور و سبعة اّلاف عام من القهر و سبعة اّلاف عام

من الجوع و سبعة اّلاف عام من الكرامة و الشرف. لنا في مصر عربٌ

و قبط , مسلمون و مسيحيون و بهائيون ( و لا دينيون و ملحدون أيضاً )

يـُشرّفون الإنسانية جمعاء ونتشرّف بهم و نـتـتـلـمـذ عـلـى أياديهم و نغرف

من كنوز عقولهم النيّرة . لنا في مصر ما لن يـدركه عمرو أديب و أمثاله لأنه

لا يـُحسب بالأصفار المصرفية و لا بالأهداف الكرويّة .

و هؤلاء ( الجوقة ) أنا أتمنى فعلاً أن يـعلنوا برائـتهم من العرب كي

نرتاح نحن أيضا . لأننا و بكل صراحة ( مش ناقصنا مصايب و جهل

و غباء , اللي فينا بيكفي قارّة بأكملها و يزيد ) و أنا و إثـر دعوات

المقاطعة المسعورة , أدعو إلى مقاطعة كل مغني أو ممثل أو كاتب أو أي

شخص كان , في الجزائر و مصر , شارك في هذه المهزلة المهينة للإنسانية

و للبشر , أدعو إلى نبذهم تماماً لأنّ العنصري و الجاهل لا يمكن أنْ

يـُقـدّم للبشرية علماً نافعاً و لا فـنـّـاً جيداً و لا يمكن أن يضيف للاّداب

الإنسانية أي قيمة .

قـد يـُـقـال أنـّي لـم أتكلّم عن الشغب الذي حدث في مباراة الخرطوم

و عن المشجعين الجزائريين الذين هاجموا الجمهور المصري و أساؤوا

إليه و إلى مصر و الجزائر و أساؤوا لنا جميعاً , و لماذا أتكلّم ؟ لماذا أتكلّم

و أنا كنت أعرف جيداً أنّ هذا سوف يحدث , سواء أكان الجمهور جزائريّاً أم

لبنانيا أم سورياً أم تونسيا أم عراقيا أم سودانياً, لأنّ إعلام البلدين نفخ في

النار حتى وصل الدخان عنان السماء و حتى أصبحت الفتنة واضحة كالشمس .

واضحة وضوح تفاهة الشروق الجزائرية و وضوح سخافة عمرو أديب حين

يجلس كراقصة درجة ثالثة , و يدعو ربـّه أن ( يـٌـنـكـّد ) على الشعب الجزائري .

و من كان يـظـنّ وقتها أنه ذاهـبٌ إلـى السينما , فـلـيـبـق في بيته المرة القادمة

و يشجّع علاء مبارك أو شقيق بوتفليقة . ثم ماذا يهمني إذا ضـُرب تامر حسني

أو الشاب خالد إثر مباراة كرة قدم ؟ ما يهمني هو أن تامر حسني يستطيع الإتصال

بوزارة الدفاع المصرية متى شاء , هذا ما يهمني . و هـذا ما يجعلني أخشى أن


تكون حروبنا المصيرية القادمة ضدّ عمرو دياب أو ضد وردة الجزائرية .

ثمّ أنّ هيفا وهبي أعلنت دعمها الإستراتيجي , ماذا تـبـقــّـى ؟

كرامة محمد فؤاد المهدورة في سُعار كروي ؟ مع احترامي لكرامات

الناس جميعاً , أنا أريد كرامة (عماد الكبير) , الذي سـيـقَ إلى مركز شرطة

و تم اغتصابه بعصا . وعاد الضابط الذي اغتصبه لمزاولة عمله كظابط شرطة

من جديد بعد أن سُجن لفترة . أم أنّ الكرامة لا تليق إلا بناس و ناس ؟ .

ثم هل كنتم تظنون أن شهداء الجزائر و مناضلوها هم من سوف يأتون إلى

الخرطوم لتشجيع الفريق الجزائري ؟ .


ــ ملاحظة لكلّ من يودّ كتابة تعليق :

أي شتيمة للشعب المصري أو الشعب الجزائري سوف أشطبها

فوراً و قد أشتم صاحبها , أمّا من يريد شتيمة من أشعل هذه الفتنة

و من أجـّجـّها من الطرفين , فليتفضّل مشكوراً .أما النقد فلا شيء و لا أحد


فوق النقد .



جـو غـانـم

..................

تحديث :

كي لا نظلم أستاذنا ابراهيم عيسى و لأنّ الكبير يبقى كبير فعلاً

هذه خاتمة رائعة من مقالته البارحة :

( وسط هذه الساحة التي يسرح فيها قطيع ويمرح فيها ببغاوات تشعر بالذهول من هذا الشعب الذي يدعي التدين وتلبس معظم نسائه الحجاب، ويشهد كثافة مدهشة في صلاة التراويح فإذا به يخرج في التليفزيون ليقذف محصنات الجزائر مثلاً بالزني ويلوث سمعة نساء ورجال مسلمين وغير مسلمين، وكأن الإخوة الذين لا يكفون عن الاتصال في البرامج الدينية يسألون عن الحلال والحرام في توافه الأمور، لم يسمعوا نبيهم الكريم وهو يقول صلي الله عليه وآله وسلم : (ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش ولا البذيء). وإذا بمدعي الدين وهم فجار يسبون ويلعنون ويقطرون بذاءة، وإذا بهؤلاء المتدينين الجدد يمشون بالفتنة وإذا خاطبهم الجاهلون لم يقولوا سلامًا بل قالوا يلعن أبوكم ولاد كلب!) .

السبت، 7 نوفمبر 2009

شـَوارب و قـضـايـا




أريـد أن أعـطـي عـِـلـمـاً و خـبـراً لـكـلّ الـمـنـظـمـات الـثـوريـّـة

الـعـربـيـة , الـتـي تـُـعـنـى بـالـشـرف الـعـربـي الـرفـيـع , و لـكـلّ

الأغـانـي الـتـي تـُـمـَـجـِّـد الـرجـولـة و الـرجـال الـعـرب , الـسـالـفـيـن

و الـحـالـيـيـن و لـكـلّ " رجـال" الـفـكـر و الـسـيـاسـة الـعـرب , ولـكـلّ الـنـسـاء

الـعـربـيـّـات الـلـواتـي إنْ بـَـدَرَ مـنـهـنّ أي فـعـل جـيـّـد , يـُـغـدق عـلـيـهـنّ

الـرجـال الـعـرب لـقـبـاً مـهـمـّـاً و عـظـيـمـاً هـو ( أخـوات الـرجـال )

أريـد أنْ أُعـلـمـهـم و أعـلـمـهـنّ و أُعـلـمـ ( it لـغـيـر الـعـاقـل ) بـأنـّـي

حـلـَـقـتُ شـواربـي هـذا الـصـبـاح , و أريـد أن أؤكِّـد على أنّ هـذا الـفـعـل لـن

يـُـغـيـِّر مـطـلـقـاً و بـتـاتـاً مـن مـبـادئـي و مـن نـظـرتـي و موقـفي من الـقـضـايـا

الـعـربـيـّـة الـمـُـلـحـّـة غـيـر الـمـُـلـحـّـة .

والله من وراء القصد


* * * *


الـبـارحـة جـائـتـنـي فـلـسـطـيـن فـي الـمـنـام

و سـألـتـْـنـي عـمـّـا حـلّ بـهـا كـقـضـيـّـة مـركـزيـة

فـأخـبـرتـهـا أنْ تـطـمـئـِـنْ

وبأنـّـهـا لـم تـعـد قـضـيـّـة الـعـرب المركـزيّة وحـسـب

بـل أصـبـحـتِ قـضـيـةً عـربـيـة و إسـلامـيـّـة ومسيحيّة و يـسـاريـّـة

و وسطيّة ويـمـيـنـيـة , و فـتـحـاويـّـة و حـمـسـاويـة و جـبـهـويـّـة و قـومـيـّـة

و فـتـح إسـلامـويـّـة , وأبـو عـمـّـاريـّـة , وإيـرانـيـّـة وتـركـيـّة و حـوثـيّة

وفـنـّـيـة و درامـيـّـة و سـيـكـيـولـوجـيـّـة و فـيـزيـولـوجـيـّـة ونـهـضـويـّـة

و رجـعـيـّـة , و تـقـدمـيـّـة و رأسـمـالـيـّـة و شـيـوعـيـّـة و علمانيّة و ليبراليّة

و نـيـولـيـبـرالـيـّة و نـسـويـّـة و شـبـابـيـّة و تـربـويـّـة و بـيـئـيـّة و شـِعـريـّة


و قـصـصـيّـة وروائـيـّة و ...

ــ و بـعـد ؟

ــ و بـمـا أنّ عـبـّاس زكـي اجـتـمـع مـع سـمـيـر جـعـجـع قـبـل

اسـبـوع و تـحـدّثـا عـنـكِ بـكـلّ خـيـر فـأنـت مـنـذ الاّن أصـبـحـتِ

قـضـيـّـة جـعـجـعـيـّـة أيـضـاً , و فـيـنـيـقـيـّـة و أربــع طـعـش

و ثـمـانـي اّذاريـّة , و كـنـعـانـيـّة و وحـدويّـة و انـفـصـالـيـّة

و فـيـدرالـيـّـة و كـونـفـدرالـيـّـة و فـنـزويـلـيـّـة و حـجـابـيـّـة

و نـِـقـابـيـّة و ...

ــ حـسـنـاً حـسـنـاً .. و مـاذا تـفـعـل لأجـلـي كـلّ هـذه الـطـوابـيـر ؟ أريـدك

أن تـحـدثـنـي عـن الأفـعـال , عـن الـنـتـائـج .

ــ نـحـن جـمـيـعـاً نـُـطـالـب بـسـلام الـشـجـعـان لأجـلـكْ , و سـوف

نــُـفـاوض كـلّ شـجـاع يـريـد الـتـفـاوض عـلـيـكِ , و ..... و لـمـاذا

تـبـصـقـيـن فـي وجـهـي ؟؟!


يـا عـيـب الـشـوم .


* * * *

أريـد مـن نـحـّاتٍ بـارع

أن يـصـنـع تـمـثـالاً لـمـواطـن عـربـيّ

و أنْ يـجـبـلـهُ بـالـيـأس و الـفـقـر و الـمـرض

و الـطـائـفـيـّـة و الـجـهـل و الـتـكـفـيـر

و بـالـحـلـم الـمـستـحـيـل

و أن يـضـع نـسـخـة مـنـه فـي قـصـر كـلّ حـاكـم عـربـي

و نـسـخـة عـلـى بـاب كـلّ مـسـجـد و كـنـيـسـة

كـي يـشـعـر الـحـكـّـام و رجـال الـديـن الـعـرب

أنّ مـهـمـّـتـهـم عـلـى هـذه الأرض

قـد انـتـهـتْ .


* * * *


فـي هـذا الـزمـان

أصـبـح الـكـُـتـَّـاب و الـشـعـراء و الـرواة و الـفـنـانـون و الـصـحـفـيـّون

الـعـرب بـعـدد حـبـّـات رمـل الـربـع الـخـالـي .

إذا كـانـت مـوريـتـانـيـا لـوحـدهـا تـُـسـمـّى بـلـد الـمـلـيـون شـاعـر

و إذا كـانـت صـفـحـات الأنـتـرنـت لـم تـعـد تـتـّـسـع لـلـمـقـالات و القصائـد

و الـتحـلـيـلات الـسـيـاسـيـّـة لـلـمـثـقـفـيـن الـعـرب , و الـمـجـلاّت والصحف

الأدبـيـّـة صـارت مـسـرحـاً لـصـراع مـريـر بـيـن أدبـاء و شـعـراء هـذه

الأمـة , يـفـوق بـضـراوتـه أيّ صـراع سـيـاسـي أو وجـوديّ فـي هـذا

الـعـالـم , فـلـمـاذا إذاً لا زال الـمـلـك لـيـر وهـنــري الـثـامـن يـتـربـّـعـان

عـلـى عـروش الـمـسـارح الـعـربـيـّـة ؟ و لـمـاذا تـبـدو الـنـهـضـة

الـعـربـيـة الـثـقـافـيـة و الإجـتـمـاعـيـّـة أبـعـد عـنـّـا مـن الأخ كـوكـب

زُحــل ؟ و لـمـاذا اسـتـطـاعـت هـيـفـا وهـبـي أن تـلـفـت انـتـبـاه

الـشـبـاب الـعـربـي و تـُـؤثـّـر فـيـه أكـثـر مـمـا يـفـعـل أيّ شـاعـر

أو كـاتـب ؟ و لـمـاذا يـمـوت مـُـفـكـّر عـربـي فـذّ أو شـاعـر عظيم

أو كـاتـب سـيـاسـي عـبـقـريّ دون أن يـسـمـع بـه أحـد و دون أنْ

يـبـكـيـه أحـد سـوى أمـّه و زوجـتـه و أخـتـه " و بـاكـيـةٌ أخـرى

تـُـهـيـجُ الـبـواكـيـا " ؟؟

لـمـاذا أعـلـن الـمـثـقـفـون الـعـرب الإسـتـقـلال الـتـام عـن شـعـوبـهـم ؟






جـو غـانـم

07 \11 \ 2009




11