يــعــتــدلُ حـنــّـا فـي جـلـسـتـه .. يـسـنـد يـديـه عـلـى جـانـبـي
كـرسـيـّـه الـمـريـح .. بـعـد أن يـتـنـاول سـيـجـارة سـويـسـريـّـة
و يـضـعـهـا بـيـن شـفـتـيـه .. يـُـشـعـلـهـا ويــلـمـسـهـا بـطـرف
لـسـانـه بــِـلـذّة .. ثـم يـعـضـّـهـا قـلـيـلاً .. و يـعـود لـيـمـصّـهــا
بـشـهـيـّـة ٍ غـريـبـة .. و كـأنـهـا شـفـتـيّ حـبـيـبـة لـم يـَـذقــْـهـا
مـنـذ زمـن .
يـحـدّق حـنــّا بـعـمـق فـي الـمـدى الـفـارغ و الـقـصـيـر أمـامـه . لـيـبـدو
و كـأنــّـه اّخـر قـيـاصـرة رومـا .. يـخــّـطـط لاحـتـلال قـرطـاجـة .
هـذا الـوصـف .. يــُـعـجـب حـنــّـا .. فـيـشـدّ ظـهـره أكـثـر عـلـى الـكـرسـي ّ
لـيـُـظـهـر هـيـبـة ً أكـبـر فـي وجـه هـذا الـفـراغ .. وتــرتـسـم عـلـى وجـهـه
مـلامـح ذاك الـديـكـتـاتـور الـذي يـُـخـيـّل لـحـنـّا أنـه مـخـتـبـئ فـي أعـمـاقـه
مـنـذ الأزل .. فـيـعـبـس و كـأنــّـه عـلـى وشـك إصـدار الأوامـر بـإحـراق
رومـا .. كـي يـكـتـب فـيـهـا قـصـيـدة تـافـهـة .
ــ سـمـعـت أن حـسـنـي مـبـارك مـرشــّـح لـجـائـزة نـوبـل لـلـسـلام ؟
حـنــّـا لا يــُـعـيـر انـتـبـاهـاً لـهـذا الـصـوت الـقـادم مـن جـهـة ٍ مـا فـي
رأســه .. و يـظـلّ مـحـدّقــاً فـي الـمـدى الـذي بـدأ يـتــّـسـع أكـثـر فـأكـثـر
أمـام خـيـالـه .. لـتـظـهـر الـصـحـاري الـعـربـيـة واحـدة تـلـو الأخـرى
يـرى عـربـاً على ظهـور جـِـمالهـم يـمـشـون عـلـى غـيـر هـدىً ...يـصـرخ بـهـم
كـرسـيـّـه الـمـريـح .. بـعـد أن يـتـنـاول سـيـجـارة سـويـسـريـّـة
و يـضـعـهـا بـيـن شـفـتـيـه .. يـُـشـعـلـهـا ويــلـمـسـهـا بـطـرف
لـسـانـه بــِـلـذّة .. ثـم يـعـضـّـهـا قـلـيـلاً .. و يـعـود لـيـمـصّـهــا
بـشـهـيـّـة ٍ غـريـبـة .. و كـأنـهـا شـفـتـيّ حـبـيـبـة لـم يـَـذقــْـهـا
مـنـذ زمـن .
يـحـدّق حـنــّا بـعـمـق فـي الـمـدى الـفـارغ و الـقـصـيـر أمـامـه . لـيـبـدو
و كـأنــّـه اّخـر قـيـاصـرة رومـا .. يـخــّـطـط لاحـتـلال قـرطـاجـة .
هـذا الـوصـف .. يــُـعـجـب حـنــّـا .. فـيـشـدّ ظـهـره أكـثـر عـلـى الـكـرسـي ّ
لـيـُـظـهـر هـيـبـة ً أكـبـر فـي وجـه هـذا الـفـراغ .. وتــرتـسـم عـلـى وجـهـه
مـلامـح ذاك الـديـكـتـاتـور الـذي يـُـخـيـّل لـحـنـّا أنـه مـخـتـبـئ فـي أعـمـاقـه
مـنـذ الأزل .. فـيـعـبـس و كـأنــّـه عـلـى وشـك إصـدار الأوامـر بـإحـراق
رومـا .. كـي يـكـتـب فـيـهـا قـصـيـدة تـافـهـة .
ــ سـمـعـت أن حـسـنـي مـبـارك مـرشــّـح لـجـائـزة نـوبـل لـلـسـلام ؟
حـنــّـا لا يــُـعـيـر انـتـبـاهـاً لـهـذا الـصـوت الـقـادم مـن جـهـة ٍ مـا فـي
رأســه .. و يـظـلّ مـحـدّقــاً فـي الـمـدى الـذي بـدأ يـتــّـسـع أكـثـر فـأكـثـر
أمـام خـيـالـه .. لـتـظـهـر الـصـحـاري الـعـربـيـة واحـدة تـلـو الأخـرى
يـرى عـربـاً على ظهـور جـِـمالهـم يـمـشـون عـلـى غـيـر هـدىً ...يـصـرخ بـهـم
حـنـّـا بـأعـلـى صـوتـه : أنْ ارجـعـوا .. لـيـكـتـشـف أن صـدى صـوتـه قـد
ســُرق . فـيـُـشـيـح بـنـظـره عـنـهـم .. و يـقـرّر أن يـرفـع دعـوى أمـام
مـحـكـمـة الـعـدل الـدولـيـّـة لـيـسـتـردّ رجـْـعَ صـوتــه .
ــ سـمـعـت أنّ سـمـيـر جـعـجـع اعـتـذر عـن الـمـجـازر الـتـي
ارتـكـبـهـا ( أثـنـاء قـيـامـه بـواجـبـه الـوطـنـي ) ؟؟
حـنــّـا يـعـتـذر لـنـفـسـه عـن فـكـرة الـلـجـوء إلـى مـحـكـمـة الـهـزلْ
الـدولـيـّـة .. و يـفـضـّـل الـتـنـازل عـن صـدى صـوتـه . ويـقـنـع
نـفـسـه بـطـريـقـتـه : مـن الاّن وصـاعـداً .. سـأغـنـي حـيـن
أسـْـكـَـر فـقـط :
مـِــيــْجـَـنــَا يـا مـيـجـنـا
يــا مـيـجـنـــــا
صــوتـــي انــْــســَــرقْ
مــن بــَــعــد مـا عـمـري انــْـسَــرقْ
و مـا بــقــي مـنــّــي
غـيـر كـلـمـــِـة عَ وَرَق ْ
اســْـكــبــْـلــِـي نــبــيــد و جــِــنْ
و اســْـقــِـيــنــِــي عــَــرَقْ
لــَ ضــَــلّ اســْـكــَــر
تــَـا تـــردّوا صــَـوتـــِــنــَــا .
يـرفـع حـنـّـا كـأسـه فـي الـهـواء .. و يــُـخـيـّـل لـه أن الـقـادم بـاتـجـاهـه
هـو بـروتـوس صـديـقـه .. فـيـدعـوه لـشـرب نـخـب ٍ أخـيـر .. يـعـتـذر
بـروتـوس .. و يـذهـب إلـى عـشـاء عـمـل .
يـقـفـز حـنــّـا عـن كـرسـيــّـه كـمـن تـذكـّر أمـراً هـامـّـاً .. يـلـبـسـه حـلـمـه
الـقـديـم ثـانـيـة ً .. فـيـفـرد يـديـه فـي الـهـواء كـطـائـر فـيـنـيـق ٍ عـائـدٍ مـن
رمـادِ خـَـيـالــِه ْ...
لـطـالـمـا حـلـمَ حـنــّـا أنـه غـجـريّ .. و أن كـل هـذي الأرض أرضـه .
و كـل هـذا الـفـضـاء سـمـائـه ... يــُـلـقـي حـنــّـا بـكـل أوراقـه الـثـبـوتـيـّة
الـمـزوّرة فـي وجـه تـاريـخــه .. و يـركـض كـطـفـل ٍ فـي بــريــّـة
لا تــنـتـهـي . يــكـاد يــُـقـسـم أنـه يـرى امـرأة ً غـجـريــّـة مـن بـعـيـد ..
تــنـتــظـره عـلـى مـشـارف غـابـة ٍ سـحـريــّـة ..
لا زال حـنــّـا يـحـمـل كـأسـه و يـقـفـز فـي الـهـواء .. و يـغـنـي :
" كــاســِــكْ يــا أثــيــنــا
قــَــرّب الـنــسـيــان
أنــا مــلــك .. و مـمـلـكـتـي خـارج هـالـزمـان
لا عــنــدي حــرّاس
و لا نـــواطــيــر
بـمـشــي .. و حــرّاســـي رفــوف الـعـصــافـيـــر
هـالـقـصــر لــَــشــو ؟؟؟
و الـحـكــم لــشـــو ؟؟؟
و الــدهــَـب لــَــشــــو ؟؟
الـسـعـادة مــا بــدّا تــعــب كـتـيــر "
ــ يـفـتـح حـنــّـا بـاب خـيـالـه و يـخـتـفـي وراءه .. تــاركـاً بــروتــوس
خـلـفـه يـشـحـذ طـرف خـنـجـره .. و جـعـجـع يــُـهـيـّـئ نـفـسـه لـلـقـيـام
بـواجـب وطـنـي جـديـد .. و أنـبـاء عـن قـيـامـة نــوبـل مـن قـبـره لـيـصـرخ
صــرخــة ً مــدوّيــة .... و يـنـتــحــر .
ســُرق . فـيـُـشـيـح بـنـظـره عـنـهـم .. و يـقـرّر أن يـرفـع دعـوى أمـام
مـحـكـمـة الـعـدل الـدولـيـّـة لـيـسـتـردّ رجـْـعَ صـوتــه .
ــ سـمـعـت أنّ سـمـيـر جـعـجـع اعـتـذر عـن الـمـجـازر الـتـي
ارتـكـبـهـا ( أثـنـاء قـيـامـه بـواجـبـه الـوطـنـي ) ؟؟
حـنــّـا يـعـتـذر لـنـفـسـه عـن فـكـرة الـلـجـوء إلـى مـحـكـمـة الـهـزلْ
الـدولـيـّـة .. و يـفـضـّـل الـتـنـازل عـن صـدى صـوتـه . ويـقـنـع
نـفـسـه بـطـريـقـتـه : مـن الاّن وصـاعـداً .. سـأغـنـي حـيـن
أسـْـكـَـر فـقـط :
مـِــيــْجـَـنــَا يـا مـيـجـنـا
يــا مـيـجـنـــــا
صــوتـــي انــْــســَــرقْ
مــن بــَــعــد مـا عـمـري انــْـسَــرقْ
و مـا بــقــي مـنــّــي
غـيـر كـلـمـــِـة عَ وَرَق ْ
اســْـكــبــْـلــِـي نــبــيــد و جــِــنْ
و اســْـقــِـيــنــِــي عــَــرَقْ
لــَ ضــَــلّ اســْـكــَــر
تــَـا تـــردّوا صــَـوتـــِــنــَــا .
يـرفـع حـنـّـا كـأسـه فـي الـهـواء .. و يــُـخـيـّـل لـه أن الـقـادم بـاتـجـاهـه
هـو بـروتـوس صـديـقـه .. فـيـدعـوه لـشـرب نـخـب ٍ أخـيـر .. يـعـتـذر
بـروتـوس .. و يـذهـب إلـى عـشـاء عـمـل .
يـقـفـز حـنــّـا عـن كـرسـيــّـه كـمـن تـذكـّر أمـراً هـامـّـاً .. يـلـبـسـه حـلـمـه
الـقـديـم ثـانـيـة ً .. فـيـفـرد يـديـه فـي الـهـواء كـطـائـر فـيـنـيـق ٍ عـائـدٍ مـن
رمـادِ خـَـيـالــِه ْ...
لـطـالـمـا حـلـمَ حـنــّـا أنـه غـجـريّ .. و أن كـل هـذي الأرض أرضـه .
و كـل هـذا الـفـضـاء سـمـائـه ... يــُـلـقـي حـنــّـا بـكـل أوراقـه الـثـبـوتـيـّة
الـمـزوّرة فـي وجـه تـاريـخــه .. و يـركـض كـطـفـل ٍ فـي بــريــّـة
لا تــنـتـهـي . يــكـاد يــُـقـسـم أنـه يـرى امـرأة ً غـجـريــّـة مـن بـعـيـد ..
تــنـتــظـره عـلـى مـشـارف غـابـة ٍ سـحـريــّـة ..
لا زال حـنــّـا يـحـمـل كـأسـه و يـقـفـز فـي الـهـواء .. و يـغـنـي :
" كــاســِــكْ يــا أثــيــنــا
قــَــرّب الـنــسـيــان
أنــا مــلــك .. و مـمـلـكـتـي خـارج هـالـزمـان
لا عــنــدي حــرّاس
و لا نـــواطــيــر
بـمـشــي .. و حــرّاســـي رفــوف الـعـصــافـيـــر
هـالـقـصــر لــَــشــو ؟؟؟
و الـحـكــم لــشـــو ؟؟؟
و الــدهــَـب لــَــشــــو ؟؟
الـسـعـادة مــا بــدّا تــعــب كـتـيــر "
ــ يـفـتـح حـنــّـا بـاب خـيـالـه و يـخـتـفـي وراءه .. تــاركـاً بــروتــوس
خـلـفـه يـشـحـذ طـرف خـنـجـره .. و جـعـجـع يــُـهـيـّـئ نـفـسـه لـلـقـيـام
بـواجـب وطـنـي جـديـد .. و أنـبـاء عـن قـيـامـة نــوبـل مـن قـبـره لـيـصـرخ
صــرخــة ً مــدوّيــة .... و يـنـتــحــر .
جــو غــانــم
..........................
·الشعر باللون الأحمر فقط (كاسك يا أثينا ) للأستاذ الكبير منصور الرحباني
من مسرحية ( اّخـر أيـّام سـقـراط ) .
هناك 19 تعليقًا:
خيّ جــــو
كم اشتاقت الي كلماتك الرائعة تلك.
ليس نوبل وحده الذي سوف ينتحر علي ما أظن.
في بلادنا العربية يصير السفاح حمامة سلام.
ويصير الكلاب ساسة متحكمون في حياة آلاف البشر المطحونين.
"ما بقي من غير كلمة ع الورق"
لكم هي قاسية الحقيقة!!
دمت مبدعاً ياأخي
أسامة
أهلا أسامة
يسعد هالمسا
نوبل و غيره كثر يا صديقي ..لو اتيحت لهم فرصة للعودة لساعات قليلة ..لفضّلوا العودة إلى قبورهم من هول ما سيروه و يعرفوه .
تحياتي يا أسامة .
طالب ثانوي
انت نوّرتني
أنا جو ..و حنا السكران هو اسم مستعار يتقمّصني غالباً .
ميجنا هو مصطلح غنائي مثل ( الدلعونا) ..يبدأ به الموال عادة .. و هو خاص ببلاد الشام عامة .
شكرا يا عزيزي و مرحبا بك .
انا وافقت على تعيقك و مش عارف ليه لسه ما ظهر هنا يا طالب .في غلط بمكان ما الظاهر ..
لعلمك الحاج نوفل ده كانت نيته وسخة والا ما كانش ربنا سلط على جايزته السادات وابو عمار ورابين وبيجن وختمها له بمبارك
لو كان من جواه نضيف كانت الجايزة راحت لناس نضاف
بس ايه الجمال ده؟
:)
يا جو خلي فاروق..طالب ثانوي يبعت التعليق الظاهر عملت له ريجيكت من غير ما تقصد
نوارتنا
كل سنة و انت طيبة كمان مرة ..و عقبال الميّة سنة و ما يكون اوسني دكتوري لسه موجود ههههه ..معقول بيعملها؟
نوفل كان طيب و لو كان عارف انه حا يبقى شمّاعة ننعلّق عليها الكوارث البشرية دي .كان بلع البارود من يومها و انتحر .
ـ الظاهر فعلا اني عملت ريجيكت على تعليق فاروق بالغلط ..
رح اجيبه من الايميل و أحاول انزّله .
انا لسة جديد هنا نفسى اعرف انت جو ولا حنا علشان انا تهت بوست جميل كالعادة
ويعنى اية ميجنا
بعتذر يا فاروق ..انا رديت عليك بعد ما قريت تعليقك على الايميل و على اساس وافقت عليه لكن الظاهر اني حذفته بالغلط ..كويس اني عرفت انزله تاني ..
عودة موفقة جـو
و أعتقد انه سينتحر مع الحاج نوبل معظم الشعب المصرى و الخمسة فى المئة الباقية ستهنئ الرئيس على ذلك الإنجاز العربى الجديد .
نوبل علي أيه
علي السلام اللي راح ولا السلام اللي جاي
ولا علي السلام النفسي اللي كلنا كمصريين بننعم بيه؟؟
:)
صباح الفل
العزيز جو ..
مبدع كعادتك فى التصوير والتعبير .. تجعلنا نتوحد مع حنا السكران ونسكر من نبيذه ويدق رؤوسنا ضياعه ويبعثرنا تيهه ثم تجدنا استفاقاته العبقريه .. فليبق نوبل فى سباته العميق فقد تاهت الجائزة من زمن وليستمر دعاة الحرب والموت فى حصد جوائز السلام..
دمت بخير ياصديقى العزيز
خلاص ياجو ولا يهمك معلش بقى شغلتك انتا ونوارة كتير ولا يهمكوا المهم انك رديت عليا
شكرا يا احمد ..
على رأيك ..و يا خوفي تحصل بدون الحاج نوبل كمان ..
يسعد اوقاتك يا احمد
speaking
والله مش عارف ..و فعلا فكّرت بالأمر كتير جدا .. و ما لقيتها بتنفع حتى عن طريق النصب ..هم مش لازم يكتبوا أسباب ترشيح فلان لجائزة معينة؟؟ أنا لسه بعصر مخّي عشان ألاقي شـُبهة سبب ..
تحياتي .و شكرا جزيلا .
غير معرّف ..
في ناس أنا محظوظ جدا اني بعرفهم هنا و بيقرولي ..و انت واحدة منهم ..
يسعدلي هالمسا .
فاروق
انت بتنوّرني ..
تحياتي لك .
ويسعدلى قلبك الطيب دايما يارب
جو انا فعلا بحب اقرالك ومعجب جدا بخيى حنا السكران لانه الظاهر فيه منى كتير .... عموما بوست رائع وخصوصا الابيات اللى انت مقتبسها الاستاذ الرحبانى . اهنيك ومش تغيب علينا كتير :)
إرسال تعليق