إنـهـا الـسـاعـة الـحـاديـة عـشـر مـن مـسـاءٍ عـاديّ فـي
الـقـرن الـواحـد و الـعـشــريــن ..لا يــهــمّ الـيـوم و الـشـهــر
فـبـيـنـي و بـيـنـك اّلاف الـسـنـيـن ,و لـن يــُـشـكـّل الــتــأريـخ الـدقـيـق
فـرقـاً لـديـك , أو لــدّي ّ .
أعـرف أن رسـالـتـي ســتـصـلـك , لـكـنـي لا أعـرف كـيـف , قـد تـكـون
أمـنـيـة فـقـط , و سـأصـدّق أنـهـا سـتـتــحـقــّـق . كـمـا أعـرف أنـك
لـن تــكــون سـعـيـداً بـرسـالـتــي هـذه , بـل ربـمـا سـتـبـصـق فـي
وجـهـي و فـي وجـه الـتـاريــخ .
لا أعـرف ســرّ الـحـمـيـمـيــّـة الــتـي أشـعـرهـا تـجـاهــك . نـحـن
غـريـبـان عـن بـعـضـنـا بـحـكـم الـتـاريـخ و الـجـغـرافـيـا . لـكـن
ربـمـا لأنـنـا مـن طـبـقـة واحـدة ( و هـذا سـيـزعـجـك أكـثـر )
و ربـمـا لأنــي لا زلــت أحـلـم بـأن تـــُـبـعــث مـن جـديـد . فـأنـا
أجــبــن مـن أن أجــســّـد دورك الاّن , و أنــت تــدرك ربـمـا أنّ
كـل ضـعـيـف مـعـجـب بـقـويّ مـا , خـصـوصـاً إن كـان مـن جـنـسـه .
و ربـمـا بـيـنـنـا قـرابــة نـسـب فـأنـا لا أدري مـاذا حـلّ بـابـنـك
الـذي تــركـتـه وراءك .
فـي هــذه الـسـاعـة مـن الـقـرن الـواحـد و الـعـشـريــن أنـبـئـك
أنـنـا قـد زدنـا نــحـن الـعـبـيـد عـدداً و لـم تــعـد تـتـسـع لـنـا هـذه
الأرض , و أصـبـح الـسـادة أكـثـر عـدداً أيـضـاً , و أكـثـر جـبـروتـاً
حـتـى لـتـكـاد تـظـن أن رومـا كـانـت واحـة لـلـحـريـة و أن ثـورتــك
تـلـك كـانـت مـحـض رفـاهـيــّـة .
كـان عـلــّـي أن أرســل لـك رسـالـتـي هـذه لأخـبـرك أن الـثـورة
لـم تــبــارح خـشـب صـلـيـبـك ..وأنـهـا لا زالــت عـالـقـــة تـحـت
تــلــك الـمـسـامـيـر الــتـي دقــّــت فـي يـديــك و قــدمـيـك
و أن ّ قـيـصــر نــشــر ذريــّــتــه فـي كـل أصـقــاع الـدنـيـا
وأنّ رومـا أصـبـحـت تــتــحــدّث كـل الـلـغـات .. إلا لـغــة
الــثــورة .
كـانــت يـجـب أن أكــتـب لـك رسـالـتـي هـذه لأخـبـرك أنـنـا
لــم نــتــعـلــّــم بـعـد أن الـحـريــة لا تـــُــعـطـى و لا تـــُـوهـب
و إنـمـا تــؤخــذ عـلـى أســنــّـة الــرمـاح و الـسـيـوف , و أن
الـمـوت لأجـلـهـا . هـو كـالـنـوم فـي حـضـن عـروس جـمـيـلـة.
و لأخـبرك أنـنـا كـسـرنـا سـيـوفــنـا و رمـاحـنـا و اســتـبـدلـنـاهـا
بالـمـكـانس كـي نـجـعـل الأرض أكـثـر نـعـومـة تـحـت قـدمـي قـيـصـر .
و أن شــعــرائـنـا يـمـلـئـون الـبـلاط , يـنـظـمـون الأشـعـار بـعـدل
قـيـصـر و رحـمـتـه حـيـن يـهـوي بالــســوط عـلـى ظـهـورنــا جـمـيـعـاً
و أنـنـا بــتـنـا نــُـرســل نـسـائـنـا طـواعـيـة لــتــغـنــّـي و تــرقـص
و تـــُــرفـــّـه عـن قـيـصـر و حـاشـيـتـه و أنـنـا بــتـنـا نـفـخـر أن
قــيــصــر يـمــتـطـيـنـا جـمـيـعـا ً .. و أنّ الـحــرّ فـيـنـا هـو مـن
يــعـفـيـه قـيـصـر مـن الـذهـاب إلـى طـابـور الـعـيـش ( أدرك أنـك
لا تــعـرف طـابـور الـعـيـش فالـعـبـوديـة فـي زمـانـك لـم تـصـل
إلـى هـذا الـمـسـتـوى ) . و أنّ الـواحـد مـنــّـا بـات يـمـوت لأجـل
عـيـون قـيـصـر لا لأجـل شــرفــه أو أرضـه أو ديـنـه .
لـمـاذا ثــرت أنـــت ؟؟ مـن أيــن أتــتــك الـجـرأة لــتـرفــع سـيـفـك
فـي وجــه قـيـصـر و نـحـن لـم نـدرك حـتـى الاّن مـالـذي يـجـعـل
الــعـبـد يـثــور بـعـد كـل تـلـك الــقـرون مـن الــزمــن .. نـحـن نـزداد
عـشـقـاً لـلـعـبـوديــة و تــمـســّــكـاً بالـسـيـد الأوحـد الـذي يـكـوي
أجـسـادنـا و يـجــوّعـنـا صـبـاح مـسـاء و يــذلــّــنـا حـتـى فـي
لـقـمـة عـيـشـنـا و لـم نــدرك بــعــد مـالـذي يـجـعـل الـعـبـد يـصـرخ .
مــتـى يــصــرخ الـعــبــد يــا ســبــارتــاكــوس ؟؟ أعـِـرنــا صــرخــة ً
فــقــد بــعــنــا أصــواتــنــا لــقــيــصــر الــمــُـنــتـــخــب سـيــّـداً
و إلــهــا ً ..
كـان يـجـب أن أكـتـب لـك لأقـول أن الـعـبـد مـنــّـا إن ثــار . نـجـلـده
نـحـن بـأيــديـنـا و نــتــبــرّأ مـنـه لأنــه أقـلـق مـنـام قـيـصـر لـسـاعـة
و أن الـثـورة صـار اسـمـهـا غـوغـاء .. و الـثـائـر خـارج عــن
قـانــون الــعـبـيـد و خـائـن لـجـنـسـه, وأن أقـصـى اّمـالـنـا لـقـمـة
عـيـش و قـلـيـل قـلـيـل مـن الـدفء فـي شــتــاءاتــنـا الـطـويـلــة .
كـان يـجـب أن أقــول لـك أنـنـا لا زلــنــا عـبـيـداً . لـكـنـنـا لـم
نــصــل بـعــد لأن نـكـون بـمـسـتـوى عـبـد ٍ مـثـلـك . لــقــد صـغـرنـا
كـثـيـراً يـا سـبـارتـاكـوس و هـانــت عـلـيـنـا كـرامـا تـنـا أكـثـر مـمـا
هــُــنـــّـا عـلـى الـسـادة ...
كـان يـجـب أن أقــول لـك أن ( هـانـيـبـال ) مـات قـبـل أن يـصــل
و أن قـــرطـاجـة صــارت رمــاداً ..
أعــِــرنــا صـلـيـبـك يـا سـبـارتـاكـوس
أعــِـرنــا مــوتــــك أيـهـا الـحــرّ .
.........................
المجد للشيطان .. معبود الرياح
من قال لا في وجه من قالوا نعم
من عـلــّم الانسان تمزيق العدم
من قال لا .. فلم يمت
و ظل روحاً أبديـّــة الألم !
معـلــّق أنا على مشانق الصباح
و جبهتي - بالموت - محـنـيــّـة
لأنني لم أحـنـِها .. حـيــّـة !!... ...
يا اخوتي الذين يعبرون في الميدان مطرقين
منحدرين في نهاية المساء
في شارع الاسكندر الأكبر :
لا تخجلوا .. و لترفعوا عيونكم إلي
لأنكم معلـّقون جانبي .. على مشانق القيصر
فلترفعوا عيونكم إليّ
لربما .. اذا التقت عيونكم بالموت في عيني :
يبتسم الفناء داخلي .. لأنكم رفعتم رأسكم .. مرة !
( سيزيف ) لم تعد على أكتافه الصخرة
يحملها الذي يولدون في مخادع الرقيق
و البحر .. كالصحراء .. لا يروي العطش
لأن من يقول ( لا ) لا يرتوي إلاّ من الدموع !
فلترفعوا عيونكم للـثائـر المشنوق
فسوف تـنـتهون مثله .. غداً
و قـبـّلوا زوجاتكم .. هنا .. على قارعة الطريق
فسوف تـنتهون ها هنا .. غداً
فالإنحناء مــرّ..
و العنكبوت فوق أعناق الرجال ينسج الردى
فقبـّلوا زوجاتكم .. إني تركت زوجتي بلا وداع
و إن رأيتم طفلي الذي تركته على ذراعها بلا ذراع
فعلـّموه الإنحناء
عـلـّموه الإنحناء !
الله ، لم يغفر خطيئة الشيطان حين قال لا !
و الودعاء الطيبون ..
هم الذين يرثون الأرض في نهاية المدى
لأنهم .. لا يشنقون !
فعلـّموه الإنحناء
و ليس ثم من مفرّ
لا تحلموا بعالم سعيد
فخلف كل قيصر يموت : قيصر جديد !
و خلف كل ثائر يموت : أحزان بلا جدوى ..
و دمعة سدى !
يا قيصر العظيم : قد أخطات .. إني أعترف
دعني - على مشنقتي - ألـثم يدك
ها أنذا أقبـّل الحبل الذي في عنقي يلتف
فهو يداك ، و هو مجدك الذي يجبرنا أن نعبدك
دعني أكفـّر عن خطيئتي
أمنحك - بعد ميتـتي - جمجمتي
تصوغ منها لك كأسا لشرابك القوي
فإن فعلت ما أريد :
إن يسألوك مرة عن دمي الشهيد
و هل ترى منحتـني الوجود كي تسلبني الوجـود
فقل لهم : قد مات .. غير حاقد علي
و هذه الكاس - التي كانت عظامها جمجمته -
وثيقة الغفران لي .
يا قاتلي : إني صفحت عنك ..
في اللحظة التي استرحت بعدها مني :
استرحت منك !
لكنني .. أوصيك إن تشأ شنق الجميع
أن ترحم الشجر !
لا تقطع الجذوع كي تـنصبها مشانقاً
لا تقطع الجذوع
فربما يأتي الربيع
و العام عام جوع
فلن تشمّ في الفروع .. نكهة الثمر !
و ربما يمر في بلادنا الصيف الخطر
فتقطع الصحراء باحأثـاً عن الظلال
فلا ترى سوى الهجير و الرمال و الهجير و الرمال
و الظمأ الناري في الضلوع !
يا سيد الشواهد البيضاء في الدجى ..
يا قيصر الصقيع !
يا إخوتي الذين يعبرون في الميدان في انحناء
منحدرين في نهاية المساء
لا تحلموا بعالم سعيد ..
فخلف كل قيصر يموت : قيصر جديد
و إن رأيتم في الطريق هانيبال
فأخبروه أنني انتظرته مدى على أبواب روما المجهدة
و انتظرت شيوخ روما - تحت قوس النصر - قاهر الأبطال
و نسوة الرومان بين الزينة المعربة
ظـلـلن ينـتـظرن مقدم الجنود ..
ذوي الرؤوس الأطلسية المجعدة
لكن (( هانيبال )) ما جاءت جنوده المجـنــّـدة
فأخبروه أنني انتـظرته .. انتـظرته ..
لكنه لم يأت !
و أنني انتظرته .. حتى انتهيت في حبال الموت
و في المدى : قرطاجة بالنار تحترق
قرطاجة كانت ضمير الشمس : قد تعلـّمت معنى الركوع
و العنكبوت فوق أعناق الرجال
و الكلمات تختنق
يا إخوتي : قرطاجة العذراء تحترق
فـقـبـّـلوا زوجاتكم ،
إني تركت زوجتي بلا وداع
و إن رأيتم طفلي الذي تركته على ذراعها .. بلا ذراع
فــعـلــّموه الإنحناء ..
عــلــّموه الإنحناء ..
عــلــّموه الإنحناء ..
..............
أمـل دنـقــل
" كـلـمـات سـبـارتـاكـوس الأخـيـرة "
هناك 10 تعليقات:
السيد"حنـّا"
ان القيصر - في عهد سبارتاكوس - لم يستخدم الكهرباء والعصا البلاستيكية لكي يكتشف ثقوب الجسد.
ومع ذلك قد تجد سبارتاكوس هذا الزمان هو أقوي لو أنه موجود لأنه قـُهر أكثر وأكثر.
ولكني لا أدري إن كان موجود حقاً,أم أنه أمل سأفقده بعد لحظات من رؤية لأي قناة إخبارية.
تحياتي
أسامة
انا بعت لك رسالة على الفيس بوك يا جو
اخي جو
اذا مات الأمل فلا حياة
سوف ياتي من يمشي علي درب سبارتكوس
وحتي ياتي فنحن العبيد لن نفقد الأمل والا فقدنا معني الحياة
لي عودة هنا مرة أخرى \\
كلنا لنا حكايا معه .. حكايا ذاتنا الثائر على ذاتنا الآخر
" ثوروا أيها العبيد "
تحياتي\\
رجعتنى33سنه
كلماته مازلت توجعنى
كالسوط تجلدنى
وتبكينى
اول مه ازور مدونتك ومش هتكون آخر مره
تحياتى
بقى مش لاقي غير كلمات سبارتاكوس الأخيرة بعد الاتفاق ، يعمل لك ايه الحاج جنبلاط أكتر من كدا ، يقطع نفسه ولا يبيع قصر المختارة في المزاد و يوزع تمنه على المحتاجين !
Excellent post, my friend, excellent!
have a nice day
عفوا
مجرد تصحيح
وظل روحاأبدية الألم
تحياتى
أشكركم جميعا على تشريفكم لي بالقراءة و التعليق و أعتذر جدا عن تأخيري في الرد عليكم و لأني لم أرد عليكم واحدا واحدا ..أنا بعيد عن المدونة لظروف خاصة ..خالص امتناني لكم جميعا .
الأخ العزيز فوزي :
نعم لقد أصبت .. سيتمّ التصحيح فورا ..ألف شكر .
إرسال تعليق