هـوامـش

إذا أردت أن تـتـعـلــّم كيف تـكذب دون أن يـرفّ لـك

جـفـن , بـل كـيـف تـكـذب و أنـت تـشـعـر بـسـلام

داخـلـي عـجـيـب , مـا عـلـيـك سـوى أن تـواظـب

عـلـى مشاهـدة لـقـاءات حـواريّة تـلفـزيونيّة مع

فـنـانين و فـنانات عرب .. خصوصاً الـفـنـانات . و ركـّز

على أهـل الـمـغـنـى .. نـجـوم الـعـرب .. شـُـهـُـب

و نـيـازك الـعـرب .. كـواكـب الـفـنّ العربي .. مـُشتري

و أورانـوس الغناء العربي ... شــَـنــّـف أذنـيـك , و كـحـّل

نـاظـريـك .

أمـّا إذا أردت أن تـصـبـح أنـت نـفـسـك , كـذبــة تـمـشي

على قـدمـيـن , تـأكـل و تشرب و تـتـحـدّث و تخاطب الناس

و جـفـنـاك يـرفــّان ( و يــُعـلـّمـان ِ الغزل أيـضـاً) فـمـا عليك

سـوى أن تـواظـب على مـتـابـعـة مهرجانات و لقاءات و ندوات

السياسيين الـلبنانـيـيـن , خصوصاً في الـفـترة التي تسـبـق

الإنـتـخـابـات , و الـغريب في الأمـر هـنـا أنّ الـمـُـتـحـوّل

( جـيـنـيـّاً ) مـن بـنـي اّدم إلى كـذبـة , لا يــشـعـر أبـداً بـهـذا

الـتـغـيـيـر , بـل عـلـى الـعـكـس تـمـامـاً , يـشـعـر بـتـغـيـيـر مـن

نـوع اّخـر , يـقـتـنـع تـمـامـاً أنــّـه تـحـوّل إلـى مـلاك .. مـلاك

يمشي على قدمين , ( يشترك في هذا الأمر مع الفنانين والفنانات طبعاً )

و الناس تــُهـلـّل و تصفـّق لـه .. هل سمعت عن أحـد يـحـتـفـل بالكـذبـة ؟

و يـضـعـهـا عـلـى ( راسـه مـن فـوق ) و يـحـمـيـهـا " بـرمـش

عـيـنـه " ( الـلـي جـرحـنـي رمـش عـيـنـه ) و يـحـتـشـد لـيـسـتـمـع

إلى مفردات قـوامـيـسـهـا !! بـل إنّ الـمكـذوب عليه ( بالـتراضـي

و بموافـقة الطرفين ) هنا , يستمـتـع بـهذه الكـذبة إيـّما استمتاع .

أمـّا إن كنت لا تملك الـوقـت لمشاهدة التلفاز أو الذهاب إلى مهرجانات

النفاق السياسي , فـمـا عليك سوى أن تــُخصّص كلّ يوم , ساعة قبل

النوم لـلقراءة في دسـاتـيـر الأحـزاب الـعـربـيـّة , و أن تـتـخـيـّل ــ و أنـت

تـقـرأ ــ وجـه زعيم الحزب أو وجه المسؤول المحلـّي للحزب في منطقـتـك .

و لا داعـي أبـداً لأن تـشغـل نـفسك بعدها بالمقارنة بين ( النظرية

و الممارسة ) .. صورة زعيم الحزب التي في خيالك , تـكـفي .. و تـزيد .

و إيـّاك أن تـقـول الاّن أنّ الحياة كـذبة ... نـحـن الـكـذبة الكبـيرة .

جـو غـانـم