الأربعاء، 3 ديسمبر 2008

بخصوص الحريّة و الديمقراطية

عشت طوال حياتي حتى هذه اللحظة و أنا أحلم بأن تعمّ الحرية

و الديمقراطية عالمنا العربي .. لأني أدركت دائماً أن لا مجال

لأيّ خطوة حقيقية للأمام بدون هاتين القيمتين .. و أن القمع

و الديكتاتورية هما أكبر عائق أمام التحضـّر و أمام الوصول

بأيّ أمة إلى ما تستحقّ من مكان و مكانة بين الأمم .

و كنت أخــدع نفسي دائما حين أنتفض في وجه من يقول

بـأننا شعوب ليست جاهزة بعد لتعيش الديمقراطية الحقيقية

أو تختبر الحرية المسؤولة ..

في الحقيقية .. منذ تـبـنــّـى جورج بوش توصيل الحرية و الديمقراطية

إلينا بطريقة ( الديلفري المدجـّج بالـسـلاح ) و منذ أن تـسـلـّـم الشعب

العراقي ذاك ( الطـرد البريدي ) و بدأ بتجريبه .. و قبله كان الشعب

اللبناني و لا زال يـجـرّب أيضاً على طريقته .. و مـا أفرزه هذا الواقع

و ذاك من تجارب مـشـوّهـة .. و أيضا و بالأخص .. ما رأيناه و نراه

من تـصـرّف ما يـُـسـمـى ( بالنخبة ) السياسية و الثقافية العربية

التي أفرزها هذا الواقع .. و أنا أزداد قناعة أنّ الحرية و الديمقراطية

هما اّخر قيمتين يمكن للإنسان العربي أن يطالب بهما .. فهو في

الحقيقة .. شئنا أم أبينا .. غير مـؤهــّـل ليكون ديمقراطيا . و غير

قادر على ممارسة الحرية المسؤولة ( كمجتمع متكامل ) و ربما هذا

ما دفعني حين أنشأت هذه المدونة لأن أكتب في ملفّ التعريف بأني

أصبحت كـارهاً للديمقراطية .. و كنت و لا زلت أقصد ذاك النموذج

و الفهم المشوّه للديمقراطية .. الذي نـدّعيه .

البارحة وصلتني رسالة من أستاذ مصري محترم يخبرني فيها

أنه كان يستبشر خيراً فينا نحن المدونين و كان ( مثلي ) يظن

أن جيلاً جديداً يطفو على السطح .. يبدو أنه قادر على الإختلاف

دون سلاح و دون شتيمة . . جيل يستطيع أن يحاور و يناقش و يختلف

دون أن يترك وراءه أثـراً لغبار معركة , أو ضحايا بالجملة . و هذا

الجيل قد يكون جديراً بأن يقود أو يؤسّس لجيل يقود أمة بشكل

صحيح أخيراً , و طبعاً لا داعي لأن أقول أن الرجل خاب أمله . فهذه

حقيقة أصبحت واضحة للجميع . فما نحن سوى امتداد لمخزون

طويل من الكبت و القهر و الديكتاتورية .. نحتاج لأن نـُـغـيــّـر

دمائنا بشكل كامل ربما , و ذاكرتنا أيضاً .. لنخرج من هذا القمقم .

لطالما اّمنت أن الإختلاف نعمة .. و هو أبـلـغ طريقة للتعلـّم من الاّخر

شرط أن يحترم عقلك و تحترم عقله و أن لا ينظر أحدكما للاّخر

بدونيـّـة , أو يناقش أحدكما الاّخر و هو يظن أنه أعلم الناس و أن

الاخر جاهل غبي .. فليس هناك أغبى من ذاك الذي يظنّ أن الناس

جميعاً أغبياء و أنه هو من يمتلك عصارة الحكمة و المعرفة .

حين جاء البابا الراحل يوحنا بولس الثاني إلى لبنان وصف هذا

البلد الصغير الذي يختزن أكثر من ثمانية عشرة طائفة و مذهب

بأن قال ( لبنان هو أكثر من بـلـد .. إنـّـه رسالة ) و لا أجد أبلغ من كلام

البابا لوصف مجتمع فيه كل هذا التنوع و الإختلاف و الفرصة الذهبية

للإستفادة منهما .. و هو ما قصده البابا .. إن هذا التنوع هو رسالة

عظيمة يمكن لو استفدنا منها أن نكون في طليعة الأمم و أن تتعلّم

مـنـّـا الأمم .. لكن طبعاً هذا الكلام لا يمكن أن يـُـطبـّق على الأرض

في أي واقع عربي .. فنحن اعتدنا أن يكون الإختلاف ( خلاف )

و أن يـؤدّي إلى حروب و مذابح و سجون و تشهير و سباب و لعن

و تحقير و تخوين و تكفير . و أن نستغل أي هامش للحرية بأسوأ

طريقة ممكنة , و أن تـُـلـحـق حريتنا أكبر الضرر بالاّخرين حولنا .

أغرب ما في الأمر .. هـو بعض أولئك الذين يـظهرون بمظهر " النخبة

الجديدة " و الذين استعاروا اللباس الخارجي للديمقراطية الأمريكية تحديداً

و التي تتيح لك أن تكون حرّاً في لسانك بأن تقول لفلان أنه ابن

عاهرة و أن تسمح له أن يقول لك المثل . و أن تكون ديمقراطيا

في لعن و سبّ كل من يخالفك الرأي , فمن ليس معنا هو ضدّنا

بالمطلق . في حين لا تستطيع أن تـُـغـيـر أي شيء في الواقع

المحيط بك .. بـل تـصـبـح و كـأنك بالفعل لا تريد أن تـُـغـيـّر أي

شيء . فأنت مبسوط و مرتاح بـهذه النعمة العظيمة .. نعمة حرية

الشتيمة و السباب و لا تريد أكثر من ذلك . فهذا هو الهدف و الغاية .

أن تفلت من كل عقال و أن تشعر بذلك حتى الثمالة . و تـنـسـى أنك

عاجز تماما عن فعل أي شيء اّخر .. أي شيء ذو قيمة طبعا .

هـؤلاء الذين يـتـشـبـّـهـون بديمقراطية أمريكا في حين أنّ أمريكا

لم تـعـد تشبه نفسها .. أو لا تشبه المفاهيم و القيم التي تنادي بها .

هؤلاء يـُذكـّروني بأمرين , أولهما .. أغنية كنت أسمعها و أنا صغير

للفنان الكبير مارسيل خليفة . يقول في أحد مقاطعها واصفـاً فئة

من السياسيين ( مـعـرّم بالـطـقـم الـطـلـيـانـي .. فـوق الشروال

العثماني ) . و الأمر الثاني .. هو حادثة قرأت عنها منذ زمن

تقول .. أن مسابقة أجريت في فرنسا لـشـبـيـهـيّ شارلي شابلن

و شارك فيها عشرات الشبان من كل أنحاء أوروبا , و كان شارلي

قد سمع بها فـذهب بنفسه و شارك تحت اسم مستعار دون أن يخبر

حتى أقرب الناس إليه .. و كانت المفاجأة أن يـحـلّ شارلي شابلن

الأصـلـي في المرتبة الثالثة و الثلاثين .

أخيراً .. و كـي لا يـُـفـهـم كـلامـي على أنه نوع من الـتـنـظـيـر .. ففي

الحقيقة .. أحد أسباب انزعاجي .. هو إدراكي أني أنا الاّخر لا أستطيع

أن أكون ديمقراطيا بالطريقة التي حلمت و أحلم بها , وأيضاً لم أختبر

الحرية المسؤولة كما يجب . و أنا أتكلم عما هو حقيقي .. و ليس عـمـّا

اختبرناه و نـخـتـبره من قشور ..



حـنـا الـسـكـران


..................................

هناك 6 تعليقات:

Empress appy يقول...

انا قولتها لناس كنا قاعدين مع بعض ومثلتها لهم بحاجه بسيطه سالت واحد مكنش فى القعده لسه جاى قولت له دى علبه السجاير بتاعتك قالى اه قولت له طيب دى عليه تانيه نوع تانى تختار انهى واحده قالى بتاعتى قولت له ليه قالى اتعودت عليه
احنا او البعض منا متعودش من صغره انه يتاخد رايه او يقبل الراى الاخر بكل ود وده البعض يا جوو مش كله
فدى فى النشأه حتى اللى زينا وبيحاول يغيرها بيتعب وبيتصدم جدا لانه مش عارف يغير لان الناس مش عاوزة تتغير
كله يقولك حريه بس بشروطه هو محدش فاهم معناه وانا اخدت الدرس منك قبل كده لما اختلفنا فى نقطه ووثقت ان فيه ناس لسه كويسه ومحترمه
مش عارفه اقولك يمكن يوم يجى والناس تفهم معنى التحضر والاحترام والحريه والديمقراطيه لوا لا بس هيبقى امل حتى لو فى ناس بسيطه وقليله
والحمد لله معايا ناس كويسه وبنعمل كتير اوى لمساعده الناس فطمن صديقك قوله لا لسه فيه ناس كويسه

TAFATEFO يقول...

متطمنش صديقك وتقوله لسه في ناس كويسه

قوله ان اللي انت فاكرهم كويسين ومختلفين طلعوا مش كويسين ولا مختلفين

وان اللي منهم تعرض لاختبار وبان انه مش كويس .. هو مش كويس

وانهم بيشخصنوا كل حاجه .. وان انت قلت اللي كنت خايف أقولك .. اللي مش معايا هو بالضروره ضدي .. هو أسخف ما تاعمل به العقل البشري من "لا منطق"

Zipping my lips

لبنــــــــــى يقول...

مساءك سكر يا رفيق

في يوم قرات لك اننا لا نتعلم الحرية و لكنها غريزة تولد معنا

في هذا الوقت من الزمن نولد و غرائزنا مشوهة و لم نعد قادرين على ان نحدد السطل الللي فيه عرق ولا الي فيه ماء
و بنستنى الحمار يشرب من اي سطل لنحدد موقفنا من السطل التاني

غير معرف يقول...

ابي طفاطيفو
رسوني على بر اطمن ولا مااطمنش
اريحكم
شوية جاز وخلاص

حـنــّا السكران يقول...

العزيز مصري جدا

مسا الخير صديقي

عندك رأي اّبي و مصطفى .. كل واحد منهم ردّ على رسالتك بطريقته ..و واضح اننا متلخبطين كلنا .. لذلك لا زلت معك في ضرورة احضار الكاز فورا .. حتى يثبت العكس .

تحياتي و احترامي ..
و تحياتي للعزيزين اّبي و مصطفى و الرفيقة جفرا ..يا مرحبا يا مرحبا .

Che_wildwing يقول...

وسيبنى أحلم سيبنى ...
سيبنى أحلم .....
هق .. سيبنى

11