الاثنين، 8 سبتمبر 2008

إنـهـا صـخـرة فـرعـون يـا طـانيـوس *

إنّ الـعـدو الـواضـح و الـصـريـح و الـذي يـلاقـيـك فـي مـيـدان

قـتـال .. أو يـنـبـري لـك فـي مـيـدان الـكـلـمـة و الـفـكـر و الـعـلـم

لـيـُـذكـّـرك كـل سـاعـة بـأنـه عـدوّك , و بـأنــّـك يـجـب أن تـحـذره

و تـسـتـعـدّ لـه .. و تــُـعـدّ لـه مـا اسـتـطـعـت مـن قـوّة . الـعـدو

الـذي تـعـرف وجـهـه جـيـداً , و لا يـُـخـفـي عـلـيـك أنـه حـاضـرٌ

لأن يـطـعـنـك فـي الـظـهـر أو فـي الـصـدر حـيـن يـسـتـطــيـع إلـى

ذلـك سـبـيـلاً .. هــو عــدوّ جــديــر بالإحـتـرام كـخـصـم ٍ لـدود

مـهـمـا بـلـغ بـطـشـه و وحـشـيــّـتـه . إذا مـا قـارنــّـاه بـأخ أو ابن

عـمّ أو ابـن قـوم ٍ .. كــُــلــّـف بـحـمـايـتـك و الـسـهـر عـلـى راحـتـك

و سـُــلــّـمَ زمـام أمـرك .. لـيـذبـحـك كـلّ يــوم ألـف مـرّة , و حـيـن

لا يـسـتـطـيـع الإجـهـاز عـلـيـك فـي الـسـجـن أو قـتـلـك جـوعـاً

حـيـن يـتـركـك عـاجـزاً عـن كـسـب لـقـمـة عـيـشـك . يـصـل بـه الأمـر

لأنْ يــُـهـيـّـئ لـك ظـروفـاً طـبـيـعــيـّة تــقـتـلـك فـي أبـشـع مـيـتـة .

فـي انـتـقـام فـظـيـع .. لـن تــُـدرك مـعـنـاه و أنـت تــُـسـلـم الـروح .

و لـن تــلــقــى جــوابــاً أخـيـراً عـلـى سـؤال بـقـيـت طـوال عـمـرك

تــسـألـه كـل صـبـاح و مـسـاء : لـمـاذا تــفـعـلـون بـي كـل هـذا ؟

إن كـان الـمـوت حـقّ .. فـالـقـتـل لـيـس حـقــّـاً و لـيـس ســُـنــّـة

مـن سـُـنـن الـحـيـاة و الأديـان .. و لـيـس عـُـرفـاً احـتـرمـتـه الناس

مـنـذ الأزل .. فـالـقـاتـل وحـش .. و الـوحـش لا حـقّ عـنـده و لا

سـنـّة و لا عــُـرف .. و هـنـاك طـرق كـثـيـرة لـلـقـتـل .. أبـسـطـهـا

الـقـتـل بالـيـد مـبـاشـرة .. و أفـظـعـهـا .. الـقـتـل الـبـطـيء بالـتـدريـج

و الـذي يـنـتـهـي بـيـن فـكــّـي سـمـكـة قـرش لا ذنـب لـهـا فـي

الـجـريـمـة .. أو تــحـت صـخـرة لا تـعـي و لا تـسـتـطـيـع ردع

نـفـسـهـا .

إنّ عـدو كـإســرائـيـل .. يــُـعـلـن دائـمـاً عـلـى الـمـلأ .. أنـه فـي

حـرب بـقـاء و وجـود مـع مـن يـعـتـبـرهـم أعـداء .. هـذا الـعـدو

يــتــصــرّف كـوحـش أعـمـى حـيـن يـقـتـل .. فـمـنـذ قـبـيـة و بـحـر

الـبـقـر . إلـى صـبـر و شـاتـيـلا و قـانـا و أخـواتـهـا .. وصـولاً

إلـى حـرب الإبـادة الـجـمـاعـيـة فـي غـزّة الاّن .. دأب هـذا الـوحش

عـلـى حـصـد قـتـلاه دون إنـتـقـاء أو اسـتـثـنـاء .. و كـان كـل

ضـحـايـاه يـعـرفـونـه جـيـداً و لا يــتـوقــّـعـون مـنـه سـوى الـقـتل

و الإجـرام .

أمـّـا مـا يـحـدث فـي الـكـثـيـر مـن بـلـدانـنـا الـعـربـيـة , فـهـو

قـتـل انـتـقـائـيّ نــوعــيّ تــقــوم بـه مـجـمـوعـات لـم تـقـــُـلْ

لـنـا يـومـاً أن بـيـنـهـا و بـيـنـنـا عـداوة أو ثـأر قـديـم .. تـقـتـل

بـطـريـقـة بـشـعـة و صـعـبـة الـتـصـديـق .. دون أن تـــُدرك

الـضـحـيــّـة ( بـأيّ ذنــب ٍ قــُـتـلــت ْ ) .

و الـقـتـل الإنــتـقـائـي الـنـَـوعـي .. لا يـمـكـن أن يـقـوم بـه

وحـش يـتـصـرّف بـغـريـزتــه .. بـل قـاتــلٌ يــنـتـقـي ضحيـّتـه

بـهـدوء و عـن سـابـق إصـرار و تـصـمـيـم . و هـذا الـقـاتـل

هـو أخـطـر الـوحـوش عـلـى الإطـلاق . لأنـه يــدرك و يـعـي

و يـسـتـمـتـع بـمـا يـفـعـل دون أن يـرفّ لـه جـفـن ..و دون أن

يــكـون فـي حـرب بـقـاء و وجـود مـع أحـد .. بـل يــُـخـيـّل لـك

أنــه يــقــتــل لـلـمـتـعـة فـقـط .. كـصـيــّـاد يـهـوى رؤيـة فـرائسه

تـتـهـاوى أمـامـه . فـيـنـتـشـي .

و الــنــَـوع هـنـا واضـح تـمـامـاً .. لا لـَـبـس فـيـه ... و هـو

الـفـقـيـر الـعـربـي , الــذي شــُــنــّـت عـلـيـه حـرب إبــادة , لا

يــعـلـم لـهـا سـبـبـاً . ســوى أنّ هـنـالـك مـن يــريــد تــنــظـيـف الأرض

مـن الـفـقـراء .. لــتـصـبـح الـحـيـاة أكـثـر جـمـالاً فـي عـيـنـيـه .

الـفـرق الاّخـر بـيـن الـعـدو الأوّل و الـعـدو الـثـانـي . هـو

أنّ الأول يـقـتـلـك و يـرقـص فــوق قـبـرك رقـصـة الـنـصـر .

و يـكـون قـد تــرك لـك كـل الـوقــت . طـوال حـيـاتـك لـتـتـوقــّع

هـذه الـنـهـايـة و تــتــهـيـــّــأ لـهـا كـشـهـيـد مـات مـبـتـسـمـاً

حـيـن حـاول و لـم يـسـتـطـع الإنـتـصـار .

أمـا الـعـدو الـثـانـي فــيــُـجـهـز عـلـيـك بــِـطـرق لـم تـتـّـوقـعـهـا

أبـداً .. ثـم يـأتـي لـيـبـكـي فـوق قـبـرك , بـكـاء الـنـسـاء

الـثـكـالـى , لـيـقـبـض ثـمـن مـوتــك بـعـد قـلـيـل .

هــذا الـعـدو .. هـو أجـبـن و أوســخ أنــواع الـقـتـلــة عـلـى

الإطــلاق .

إنّ الـذيــن يـنـامـون الاّن بـهـدوء تــحــت صـخـور جـبـل الـمـقـطـّم

هـم شـهـداء قــُـتـلـوا غـدراً و غـيـلـة ً .. لـم تـــُـتـرك لـهـم فـرصــة

لـمـواجـهـة قـاتـلـهـم .. و لـم يــُـدركـوا أن عـلـيـهـم الإسـتـعـداد

لـحـرب قـادمــة قــد يــُـقــتـلـون فـيـهـا .. هـؤلاء كـانـوا مـؤمـنـيـن

أنّ الــعــدو وراء الـحـدود .. و أمــامــه مـصـريـيـن كـثـر سـيـمـنـعـوه

مـن الـوصـول إلـى الـمـقـطــّـم ..

هـؤلاء لـم يـروا فـي الـصـخـر عـدوّاً فـي يـوم مـن الأيـام . بـل

ربـمـا عـقـدوا صـداقـات صـامـتـة مـع تـلـك الـصـخـور الـتـي

شـهـدت ذكـريـاتـهـم .. و ربـمـا كـانوا يـجـلـسـون فـوقـهـا ويحلمون


بالهـرب مـن وجـه كـل هـذا الـقـهـر .. و الإخـتـفـاء بـهـدوء كـمـا

اخـتـفـى طـانـيـوس .



لـكـنـهم لـم يـنـتـبـهـوا أن وراء الـصـخـرة قــاتـــل يــدفـعـهـا

بـاتـجـاهـهـم شـيـئـاً فـشـيـئـاً .. كـي يـتــّـهـمـهـا بالـقـتـل فـيـمـا

بـعـد . و كـي يــُـسـجـّـل الـقـضـيـّـة
ضــدّ صــخــرة .. بـعـد

أن ســجــّـلـهـا ضــدّ بــحــر ٍ فـي الـمـرة الـسـابـقـــة .

فـي الـمـرّة الـقـادمـة .. سـتـكـون الـقـضـيـّـة ضـدّ الـسـمـاء .


ــ لـلـنـائـمـيـن تـحـت جـبـل الـمـقـطـّـم .. أنـحـنـي بـخـشـوع

و أقــول لـهـم :

تــُـصـبـحـون عـلـى وطـن .



" جــو غــانــم "
* في إشارة إلى رواية " صخرة طـانـيـوس " لـلأديب الـلـبـنـاني
أمـيـن المعلوف .
...........................................
يــا مــيــنْ شــَـافْ لــِـيْ بــو لـَـهــَـبْ
و مــَــرتــو مـَـعــُـوْ
مــْــحــَـمــّــلْ عـلـى ضــَــهــْــرَا ْ حـَـطــبْ
بـــردانْ
عــَـمْ يــُــوقــِــد عــَــربْ

هناك 7 تعليقات:

Moh'd Shaltaf يقول...

وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضة ً .....على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهنّد

لا بد للظلم أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر

هانى زينهم يقول...

عم جو :
احنا اتعودنا من حكومتنا الرشيدة على الكوارث بانواعها
طيران وبحر وبر وفى التلات حالات الجانى مجهول والمعروف بياخد براءة والضحايا ماتوا ابشع الموتات زى انت ما قلت كدة قتل تدريجى بطئ كانوا حاسين بيه
وصخر المقطم رمز لصخور كتير فى وطنا العربى الكبير على الاقل شهداء المقطم راحوا لربهم يرحمهم انما المشكلة فى المدفونين تحت الصخر وهم احياء لا قادرين يكسروا الصخر ولا قادرين يرتاحوا من عذابه
لنا الله واصحاب الضمائر الحية ان كان منهم احد؟؟

غير معرف يقول...

للراقدين تحت صخرة المقطم اقول .. ربما كان حضن الجبل ارحم بكم منا .. ربما كان قلب الحجارة ارق من قلوبنا .. تلك التى رأتكم تتعذبون وتتهيأون للموت فى كل ليلة ولم ترفع اصبعا واحدا لانتشالكم من عذاباتكم اليومية .. عذرا اخوتى لم نملك لكم شيئا لاننا ماعدنا نملك لانفسنا اى شئ .. اخجل من دموعى واخجل من احزانى فليست باعتذار وليست بعذر..
ارقدوا بسلام فقد رحمكم ارحم الراحمين ونصركم من ظلمنا ووهبكم الشهادة كمكافأة لكم بعد طول عذاب .. ورفعكم عاليا من بعد طول انسحاق وقهر..
لكم اقول تصبحون على الجنة..

وجهة نظري يقول...

سمعت طبعا عن الماسونيكس. سمعت عن البيلدرز جروب؟ سمعت عن الإلومينات؟

أهو إحنا متساقين لنظام عالمي جديد.

هي دي القصة ببساطه.

Che_wildwing يقول...

الأمر لايعنيهم


هذا ما تتأكد من صحته حين تشاهد رجال الأمن


الذين يعملون"المفروض" على إنقاذ أهالى الدويقة


ليس مهما أن يموت العشرات


أو أن يصاب المئات بالعجز


ولا أن يتشرد أمثالهم


ليس مهما أن يلفظ طفلا أنفاسه الأخيرة تحت الأنقاض


فيعيش في قبره حتى قبل أن يموت


ويموت حتى قبل أن يعيش


كل ما يهم قوات الأمن في بلادنا أن يمر موكب الرئيس بسلام

مصــــري يقول...

أخي جـــو

لن يتسأل الذين ماتوا بأي ذنب قـُتلوا؟

بل سيتسأل الذين عاشول لماذا عاشوا.
فبرغم حرمانية السؤال،الا أنه الضغط يا صاحبي.
الضغط الذي جعل من موت المواطن في مصر نعمة جليلة.
فسيموت حتي لا يقف في طابور خبز
فسيموت حتي لا يركب اتوبيس يشبه اتوبيس وطن طنوس.
فسيموت حتي لا يدفع مئات الجنيهات علي تعليم لا نفع منه سوي قولهم تعليم مجاني!!

الموت في وطني دعوة للفرح!!

اسمح لي بوضع رابط لتلك التدوينة عندي.

أسامة

طارق يقول...

ارخص شىء فى الوطن هم البشر
حياتهم لا تساوى عند الحكومه شيئا
وكذلك موتهم
وموتهم يمثل الحل الاخير والمفضل للحكومه..البتر
واللى انا متأكد منه
ان الجبل كان احن على الناس من الوطن
افضل ما يقال ابيات لشاعرنا الكبير فاروق جويده


حتى الحجاره اعلنت عصيانها
قامت على الطرقات وانتفضت
ودارت فوق اشلاء البيوت
فى نبضنا شىء يموت
فى عزمنا شىء يموت
فى كل حجر على ضفاف النهر
يرتع عنكبوت
فى كل يوم فى الربوع الخضر
يولد الف حوت
فى كل عش فوف صدر النيل
عصفور يموت


طارق

11