الأحد، 22 يونيو 2008
رجـب .. وأصـحـابـه
الـحـريــّــة
مـا هـي الـحـريــّـة يـا ولــدي
بــُـصّ يـا حـنـفـي :
نــســتــطـيـع الاّن أن نـكـتـب صـفـحـات فـي تـعـريـف الـحـريـــة و بـعـد
أن نـنـتـهـي مـن الـتـعـريـف .. نسـتـطـيـع أن نـسـتـشـهـد بـالـكـثـيـر مـن
الأغـانـي و الأشـعـار و الـصـور أيـضـاً .
لـكـن دعـونـا هـنـا نـتـطـرّق لأمـر يـهـمـّـنـا و لـنـحـاول الـتـعـرّف عـلـى
( الإنـسـان الـعـربـي الـحـر) .. و حـبــّـذا لـو نـسـتـشـهـد بـأغـنـيـة .
الـحـريــّـة بـرأيي يـجـب أن تــنـبـع مـن داخـل الإنـسـان أولاً . يـجـب أن
تــُـوجـد هـنـاك .. فـي مـنـطـقـة الـخـوف تـمـامـاً .. لــتــحـلّ مـحـلــّـه .
و لا أقـصـد الـمـعـنـى الـعـام لـلـخـوف طـبـعـاً .. لا أقـصـد الـخـوف مـن
الـوحـش أو الأفـعـى أو الـمـرض مـثـلاً .. هـذه مـشـاعـر إنـسـانـيـة بـديـهـيـة
و ردّات فـعـل عـفـويـة . لا عـلاقـة لـهـا بالـحـريـة . أرجـو أن يـكـون كـلامي
واضـحـاً هـنـا و لا يـحـتـاج إلـى شـرح و تـفـصـيـل .
مـن واقـع أمـتـنـا الـعـربـيـة .. نـسـتـخـلـص أن الإنـسـان الـعـربـي الـحـر هـو
كـائـن لا وجـود لـه سـوى فـي حـالات فـرديـة قـلـيـلـة . تـرقـى أحـيـانـاً إلـى
مـسـتـوى الـجـمـاعـة الـقـلـيـلـة الـتـى لا تـلـبـث أن تـنـقـسـم عـلـى نـفـسـهـا
حـيـن يـتـحـوّل بـعـض افـرادهـا لـعـبـيـد لـلـمـنـصـب أو لـلـمـال أو لأي شـيء
يـطـغـى عـلـى قـدسـيـة الـفـكـرة و مـعـنـاهـا فـي داخـل هـذا الـشـخـص
أو ذاك .
يـبـدو الـفـرد الـعـربي الـعـادي ,خـائـف مـن كل شـيء ,مـن صـورة الـرئـيـس
و مـن الـحـكـومـة و مـن رجـل الأمـن فـي الـشـارع , ثـم مـن الـبـقــّـال الـذي
يـشـتـري مـؤونـتـه مـن عـنـده ,ومـن زوجـتـه طـبـعـاً .الـتـي تـكـون بـدورهـا
( خـائـفـة مـن شـيء مـا ) .كـمـا تـقـول مـعـظـم عـنـاويـن الأفـلام الـعـربية .
أعـتـقـد أن عـلـى الإنـسـان الـعـربـي أن يـتـحـرّر بـيـنـه وبـيـن نـفـسـه أولاً
أن يـتـحـرر مـن هـواجـسـه الـتي لا تــنـتهـي ومـن الـقـيـود الـتي صـنعهـا
لـنـفـسـه هـو شـخـصـيـاً قـبـل أن يـصـنـعـهـا الاّخـريـن .مـن الـقـوانـيـن
الـبـدائـيـة ( الـنـفـسـيـّـة أولاً ) الـتـي وضـعـتـهـا الـقـبـيـلـة و قــدّسـنـاهـا
نـحـن .. ثـم بـعـد ذلـك أن يـتـحـرر مـن الـخـوف مـن الـشـخـص ( الـرمـز)
الـذي اخـتـرعـه أو رضـي بـه دون أدنـى مـقـاومـة .
عـلـيـه أن يـتـنـفــّـس و هـو مـؤمـن أن هـذا الـهـواء لا يـمـلـكـه أحـد و هـو
حـقّ طـبـيـعـي مـكـتـسـب للإنـسـان و الـحـيـوان و الـنـبـات . ثـم عـلـيـه
حـيـن يـتـكـلـّـم عـن نـفـسـه أن يـكـون لـديـه الـقـدرة الـعـفـويـة لـنـقـد
الـذات .. و الإعـتـراف بالـخـطـأ .. و عـدم الإحـسـاس بالـخـجـل حـيـن
يـصـف نـفـسـه بـمـا فـيـهـا فـي كـل حـالاتـهـا .
أمـّـا أن اّتـي أنـا الاّن و أكـتـب مـقـالاّ أو قـصـيـدة عـن الـحـريـة والأرض
و الـوطـن ..و أنـا خـائـف مـن أن يــُـزعـج مـا كـتـبـتـه . جـهـة مـا
أو أحـد مـا .
هـذه لـيـسـت حـريــّة و أنـا لـسـت حـرّاً ..هـذا أمـر يـشـبـه أن نــسـتـغـيـب
فـلانـاً و نـتـكـلـّـم عـنـه كـلامـاً نـخـشـى أن يـصـل إلـى مـسـامـعـه .
الـحـريــّـة مـسـؤولـيـة تـنـبـع مـن داخـلـنـا أولاً , كـمـا ذكـرت سـابـقـاً .
و عـلـيـنـا أن نــؤمـن بـهـا إيـمـانـاً واحـداً مـتـكـامـلاً لا يـتـجـزّأ . يـبـدأ
مـن رسـوخ الـفـكـرة إلـى تـحـمــّـل كـل نـتـائـجـهـا . فـفـرق كـبـيـر مـثـلاً
أن يـكـتـب الـصـحـفـي و الـمـنـاضـل الـسـوري نـجـيـب الـريـّـس سـنـة
1922 قـصـيـدة مـن سـجـنـه و يـغـنـيـّـهـا بـصـوت عـالٍ مـع
رفـاقـه فـي الـسـجـن :
يـا ظـلام الـسـجـن خـيـّـم إنـنـا نـهـــوى الـظـلامـــا
لـيـس بـعـد الـلـيـل إلاّ فـجـرُ مـجـد ٍ يـتـسـامـى
و بـيـن أن أكـتـبـهـا أنـا هـنـا الاّن مـُـحـاطـة بـعـبـارات الـتـوريــة
الـتـي تــُـخـفـي مـا أريــد قـولـه لـتـجـعـل مـنـه لـغـز ربـمـا .
نـجـيـب الـريــّـس و رفـاقـه .. كـانـوا أحـراراً .. أمـا أنـا .. فـحـالـم ٌ
بـحـريــّـة أخـافـهـا و أخـاف أن تــتـحـوّل وبـالاً عـلـيّ .
أمـر نـجـيـب الـريـّس يـنـطـبـق عـلـى غـالـبـيـة الأسـرى فـي الـسـجـون
أولـئـك الـذيـن ذهـبـوا بـخـطـى ً ثـابـتـة وواثـقـة إلـى هـدفـهـم ( الـحـريـّة)
و تــحـمــّلـوا مـسـؤولـيـة إيـمـانـهـم ذاك ..حـتـى اّخـر لـحـظـة , و كـانـوا
و لا زالـوا أحـراراً أكـثـر مـنــّـا جـمـيـعـاً حـتـى و هـم وراء الـقـضـبـان
و يـمـكـن الإســتــشـهـاد هـنـا بـمـئـات بـل اّلاف الأسـرى الـفـلـسـطـيـنـييـن
و الـلـبـنـانـيـيـن و الـعـراقـيـيـن ,و العرب بشكل عام ,فـي سـجـون الإحـتـلال ,
و غـيـرهـم مـن سـجـنـاء الـرأي فـي زنـازيـن الأنـظـمـة الـعـربـيـة .
و أرغـب هـنا بـحـبّ كـبـيـر أن أذكـر الـمـنـاضل الـكـبـيـر سـمـيـر الـقـنـطـار
الـذي رفـض أن يـخـرج مـن أسـره مـعـتـذراً عـمـّـا فـعـلـه . ذاك رجـل
حـرّ و أنـا أغـبـطـه و أحـسـده بـحـبّ عـظـيـم .و أنــتـظـره بـقـلـبـي
لـيـخـرج قـريـبـاً بـعـد ثـلاثـيـن عـامـاً مـن أســرٍ لـم يـسـتـطـع أن يـنـال
مـن حـريــّة الإنـسـان فـي داخـلـه . سـيـخـرج لأنـه تـرك وراءه رفـاق
أحـرار .. قـال قـائـدهـم ( الـسـيـد حـسـن نـصـرالله ) :
( نـحـن قـوم لا نـتـرك أســرانـا فـي الـسـجـون ) .
إذن .. لـديـنـا أحـرار فـي أمـتـنـا بـكـلّ تـأكـيـد.. لـكـن و بـدون
شـكّ لـلأسـف , نـحـن لـسـنـا أمـّـة حـرة . و لا أمـّـة مـن الأحـرار .
الـخـوف يـحـاصـر غـالـبـيـة الـشـعـوب الـعـربـيـة , مـن الـمـحـيـط إلـى
الـخـلـيـج . خـوف مـن كـل شـيء ومـن أي شـيء ,فـي داخـل كلّ مـنــّا
عـبـد يـرتـعـد خـوفـاً مـن أسـيـاد كـثـر .وهـؤلاء الأسـيـاد الـعـرب أيـضـاً
هـم عـبـيـد جـدد لأسـيـاد اّخـريـن . و حـلـقـة الـعـبـوديـة لا تـنـتـهـي .
و فـي حـالـة الـمـواطـن الـعـربـي هـذه . لا أجـد مـا اسـتـشـهـد بـه
مـن شـعـر و أغـانٍ الاّن . سـوى مـا ( تــتــأوّه ) بـه هـيـفـا وهـبـي :
( رجـب .. حــوش صـاحـبـك عـنــّـي
رجـب .. صـاحـبـك جـنــّـنـــي )
لا سـخـريـة هـنـا .. كـل مـواطـن عـربـي .. يـنـتـظـر ( رجـبـاً ) لـكـي
( يـحـوش ) عـنـه ألـف صـاحـب و صـاحـب . مـع اخـتـلاف الـمـعـنـى
عـنـد ( المـغـنـاج الـحـرّة ) هـيـفـا وهـبـي .
ــ خـدتْ بـالـك يـا حـنـفـي ؟؟؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليق واحد:
ورود تعبير أو أكثر باللهجة العامية المصرية ..سببه أن اللهجة قريبة ومحبـّبة لدى معظمنا نحن العرب كما أظن ..لا لسبب اّخر ..
و بعدين هيك طلعت ..و خلاص .
إرسال تعليق