لـو كـنـتُ بـلـدًا عربـيـَّا
لاخـتـبـأتُ خلف شجرةٍ عتيقةٍ وسط عاصمتي
و انتظرتُ خروج اّخر موظّفٍ حكومي , أو تلميذ في مدرسة
و اقتحمتُ كلّ المباني والدوائر الرسميّة
و نـكـَّـستُ الأعـلام
و أعلنتً الحداد الرسميّ لـمـدَّة دهــر
و لـَـسرقت النشيد الوطنيّ من درج الحكومة
و ألـقـيـتـهُ في الـبـحـر
بـعـد أنْ أسـتـبـدلـهُ بـأغـنـيـة :
" عَ هـدير الـبـوسـطـة .. يـا مـعـلـِّم
و
لـَـو بــتـْـسـَـكــِّـر هـَـالشـبـَّـاكْ
يـا مـعـلـِّـم "
· * * *
أنـا عـائـدٌ إلـى إنسـانـيـّـتي الأولـى
سـأخـلـع كـلّ ثـيـابـي
و أتـبـع أبـي "الـمـاغـوط" إلـى الـغـابـة الـعـتـيـقـة
سـأقـضـي مـا تـبـقــَّى لـي مـن حـيـاة
فـي إقـنـاع الـعـصـافـيـر و الغزلان و الشجر
أنـّي جـديـر بـصـداقـتـهـم
سـوف أعـانـق الأغـصـان
كـمـا لـم أعـانـق الـنـسـاء يـومـًـا
و سـوف أتـعـلـَّـم الـصَّـفـيـر كـعـصـفـورٍ صـغـيـر
و سـأحـظـى بـثـقـة ظـبـيـةٍ جميلة
تـحـكـي لـي كـلّ أسـرارهـا
و سـأصـفــِّقُ لـخـطـابـاتِ حـفـيـف الـشـجـر
كـمـا لـم أصـفـِّـق لـزعـيـمٍ فـي يـوم مـن الأيـّـَـام .
· * * *
أريـد أنْ أخـرج في مـظـاهـرة ضـدّ كـلّ شيء
و لا أريـد لأحـدٍ أن يـرافـقـنـي
سـوى الـشـجـر و العشب و الماء و الطقس
أيـّهـا الـطـقـس :
جـَـهـِّـز هـتـافــًا مـُـوحـَّـدًا ضـد الجميع
ضـدّ الحكومات و الشعوب
ضـدّ ساعات العمل الـعـبـثـيـَّة
ضـد الأخبار
ضـدّ الحـبـيـبـات الـمـُسـتقيلات
ضــدَّ " طـنـّوس" الـذي يـسـكـنـنـي
ضـدّ الكتب و الشعر و اللّـغة
و ضـدَّ الـنـهـود و الشفاهِ و السيقان
هـتـافــًا واحـدًا فـقـط
هـتـافــًـا واحـدًا لـهـم جـمـيـعـًـا .
· * * *
لا أعـرف أيـن يـذهـب فـي الـلـّيل , ظـِـلـِّي .
و مـاذا يـفـعـل فـي غـيـابــي
هـل لـديه أصـحـاب يـُـلاقـيـهـم و يـسـهـروا مـعـًـا ؟
هـل لـديه حـبـيـبـة أو صـاحـبـة , يـقـضـي لـيـلـتـهُ عـنـدهـا ؟
هـل يـجـلـس في مـكانٍ مـُنعزل و يـقـرأ في كتب الفلسفة ؟
أمْ تـُـراه يـذهـب لـيـتـجـوَّل فـي أرضٍ مُشمسةٍ بـعـيـدة !
أتـمـنـى أحـيـانـًا , لـو كـان لـديـه هـاتفٌ جـَوَّالْ
لأحـادثـهُ في الـلـَّيل .
أشـعـر بــوحـدةٍ قـاتـلـةٍ دون ظــِـلّ .
· * * *
جـو غـانـم